كشف الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وجيوتكنيك السواحل الطينية بالجامعة التكنولوجية بماليزيا، عن حقيقة انهيار 7 آلاف مبنى في الإسكندرية بسبب ارتفاع منسوب البحر، والذي جاء في بحث نشره في المجلة العلمية "Earths Future"، الذي تحدث عن زيادة تدريجية في منسوب البحر وتأثيره على استقرار المنشأت.

هل سينهار 7 آلاف عقار في الإسكندرية
وأشار الدكتور محمد حافظ إلى أن المنشأت القريبة من البحر تتعرض لظاهرة ارتفاع منسوب المياه المالحة تحت أساستها، ما يجعل أساستها الخرسانية عرضة للتأكل بسبب الكلوريد الموجود في المياه المالحة.

وأكد الدكتور محمد حافظ أن ما ذكرته الدراسة بشأن انهيار 7 آلاف منشأة في الإسكندرية فيه نسبة مبالغة من حيث عدد المباني القابلة للإنهيار، موضحًا أن رقم انهيار 7000 مبني هو رقم ضخم على المدى القريب.
وقال الدكتور محمد حافظ عما ورد في البحث بشأن انهيار 7 آلاف مبنى في الإسكندرية: "هل سينهار 7000 منشأ بالإسكندرية... قبل أيام مضت نشر بحث بجورنال Earths Future والذي جاء نتيجة تعاون علمي بين باحثين من ألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وتونس ومصر، ومولته جامعة كاليفورنيا ووكالة ناسا الأميركية ومؤسسة فون هومبولت الألمانية."
وأوضح محمد حافظ أن "البحث يتحدث بشكل عام عن (إرتفاع منسوب البحر) بسبب ذوبان القطب الشمالي والجنوبي، مما أدي لرفع منسوب البحر (بمعني منسوب الــ 0.0 اليوم ليس هو منسوب الــ 0.0 قبل 30 عام مضت) وأن هناك زيادة تدريجية في منسوب البحر مما أدي لما يسمي ظاهرة ( Saltwater intrusion).. أي إختراق مياه البحر لمخزون المياه الجوفية والعلو عليها."
منسوب البحر في المدن الساحلية المصرية
وأكد محمد حافظ أن "هذه الظاهرة موجودة بشكل طبيعي في جميع المدن الساحلية تقريبًا، ولكن في حالة (ما إذا كان) المنسوب تأسيس المدينة مرتفع فلن يكون هناك تأثير لهذه الظاهرة على استقرار المنشأت."

وعن منسوب البحر في المدن الساحلية المصرية، قال الدكتور محمد حافظ: "في مدينة الإسكندرية ورشيد وبورسعيد ورأس البر وغيرها من المناطق المشابهة، منسوب تأسيس المدينة هو نفس منسوب سطح البحر، ولفهم ما أقوله هنا، إذهب لشارع خالد بن الوليد في سيدي بشر، ومنه إنزل لشاطئ ميامي على سبيل المثال أو شاطئ المندرة، ستجد أن منسوب البحر بتلك الشواطئ هو نفس منسوب الطريق العام تقريبًا."
وعن تأثير المياه المالحة على المنشآت، أوضح محمد حافظ "أكيد المنشأت القريبة من تلك المناطق تتعرض لظاهرة إرتفاع منسوب (المياه المالحة) تحت أساستها، وهذا ما يجعل أساستها الخرسانية عرضة للتأكل بسبب (الكلوريد) الموجود في المياه المالحة، بالإضافة لإنخفاض قيمة (الإجهاد الفعال) (سيجما بريم)!! والذي هو أهم عنصر في حساب (تحمل التربة الـ BC)
وأشار محمد حافظ لوجود خلط في الدراسة بين نحر الشاطيء وتفاعل أملاك الكلوريد بالنسبة للمنشأت، فقال: "أنا لا أعرف تحديدًا سبب (الخلط) بين عملية (نحر الشواطئ)، والتي هي ذات أصل (ديناميكي بسبب الأمواج)، وبين تفاعل أملاح (الكلوريد) بخرسانة أساسات المنشأت والتي هي عملية (كميائية).
التأثير الكميائي للمياه المالحة على المنشآت
وأوضح محمد حافظ "أنا هنا لن أناقش عملية النحر، فكل مواطن إسكندراني يبلغ من العمر اليوم قرابة (60 عام) يمكنه التفريق بين شكل خط الساحل الإسكندراني (اليوم وبين ما كان عليه عام 1980) علي سبيل المثال، النتيجة واضحة وهي (تأكل شديد للساحل)، وإختفاء مساحات كبيرة بمعظم الشواطئ على الرغم من عمليات (مكافحة النحر) التي يصرف عليها (مليارات) سنويا."

وعن التأثير الكميائي للمياه المالحة على المنشآت، قال الدكتور محمد حافظ: "أنا سأناقش هنا فقط (التأثير الكميائي) على خرسانة أساسات المنشأت القريبة من الساحل، والتي هي مغمورة منذ سنوات بمياه البحر المالحة، والتي سبب في (تخفيض إجهاد الخرسانة) وتأكل (حديد التسليح)."
وأكد محمد حافظ أن "معظم المنشأت الواقعة على الساحل ملتصقة بعضها ببعض وهذا يجعلها (تبدوا متماسكة) إلي حد (ما) بسبب (الدعم الجانبي)، ولكن بمجرد إنهيار أحدهم (عندئذ ستبدأ حبات السبحة تنهار تدريجيًا)، وخاصة أن معظمها (قديم)."
احتمالية انهيار المباني في الإسكندرية
وعن احتمالية انهيار المباني في الإسكندرية، قال محمد حافظ: "إحتمالية الإنهيار قائمة بسبب تأثير المياه المالحة على الخرسانات، وحتى وإن كانت الخرسانات (محمية) بالخيش والزفت منذ بنائها قبل 50 عام مضت، ففعالية تلك العازل (تتضائل) كثيرًا مع (المياه المالحة)، قد تكون جيدة مع المياه الجوفية العادية وليس المالحة."

وأوضح محمد حافظ "يبدو لي أن الدراسة فيها (نسبة مبالغة) من حيث (عدد المباني) القابلة للإنهيار، فرقم (7000 مبني) هو رقم (ضخم) على المدي القريب، ولكنه رقم (معقول جدًا) على المدي الطويل أي قبل عام (2060) تقريبًا."
دراسة انهيار المباني في الإسكندرية تثير القلق
جدير بالذكر أن الدراسة أقلقت العديد من الناس، حتى أن النائب البرلماني محمود عصام، عبر حسابه بالفيس بوك، قال عنها: " ملف انهيار العقارات والمباني الآيلة للسقوط في الإسكندرية بالنسبة لي أولوية كبيرة، وللأسف المشكلة بتتفاقم مع الوقت، مؤخرًا، ظهرت دراسة جديدة قلقتني جدًا لأنها أكدت بالأرقام أن معدل انهيارات المباني في المناطق الساحلية في الإسكندرية زاد 10 أضعاف خلال آخر 20 سنة!"

وأضاف محمود عصام "هذه الدراسة أجرتها جامعة ألمانية، وتم نشرها في مجلة "مستقبل الأرض"، واعتمدت على تحليل صور أقمار صناعية وبيانات هندسية وجيولوجية، الدراسة حذرت من أن التربة في مناطق مثل الجمرك، وسط البلد، وغرب الإسكندرية بتضعف بشكل مستمر بسبب عوامل زي ارتفاع مستوى البحر، وتآكل الشواطئ، وتسرب المياه المالحة. بعض الشواطئ بيحصل فيها تآكل بمعدل 31 متر في السنة!"
وأضاف محمود عصام "المشكلة مش بس في البحر، لكن كمان في سحب المياه الجوفية بشكل مفرط، وغياب الصيانة للمباني القديمة، وضعف البنية التحتية للصرف الصحي. كل العوامل دي بتساهم في تفاقم الوضع."

وأضاف "السؤال المهم هنا: هل احنا مستعدين ناخد قرارات جدية قبل ما تحصل كوارث أكبر؟ الدراسة قدمت حلول بتعتمد على تقنيات "الدفاع الناعم"، يعني اللجوء لحلول طبيعية زي التصاميم الساحلية الصديقة للبيئة، والشواطئ الحية، وكاسرات الأمواج. لكن الدراسة أكدت إن الحلول دي ما تغنيش عن "الحلول التخطيطية الفعالة".
وقال محمود عصام "الإسكندرية مش مجرد مدينة، دي تاريخ وتراث وأسلوب حياة، وحمايتها لازم تكون أولوية، لازم نأخد قرارات جريئة تمنع البناء العشوائي في المناطق المعرضة للخطر، ونحط ضوابط واضحة للبناء على البحر، وناخد موضوع انهيارات العقارات بجدية."