اختار مجمع كهنة مطرانية ديرمواس ودلجا، تحت إشراف الأنبا ديمتريوس – مطران ملوي والنائب البابوي المؤقت لإيبارشية ديرمواس – خياراً تاريخياً ومميزاً لمثوى جثمان المطران الراحل الأنبا أغابيوس. فقد تقرر دفنه في دير السيدة العذراء والأنبا إبرام بقرية دلجا، أكبر قرى محافظة المنيا والواقعة على الحدود الجنوبية الغربية مع محافظة أسيوط.

يعود سر اختيار هذا الدير إلى قيمته التاريخية والأثرية التي لا تضاهي، إذ يعود تأسيسه إلى العصور المسيحية الأولى، وبالتحديد إلى القرن الرابع الميلادي. رغم عدم كونه من “الأديرة العامرة” بالحياة الرهبانية، إلا أن الدير يحتضن كنيسة ومباني خدمات تعكس عبق التاريخ وعبقرية العمارة القبطية القديمة.


يتميز الدير بكنيسة رئيسية تحت الأرض، بنيت على أعمدة بنظام نصف الدائرة، حيث تقع على مستوى منخفض حوالي 3 أمتار تحت سطح الأرض مع ميلان يصل إلى 21 درجة. وتشير بعض الروايات إلى أن هذا التصميم كان بمثابة
ملاذ آمن للأقباط في عصور الاضطهاد قبل اعتناق الإمبراطورية الرومانية للدين المسيحي. ويُظهر الطراز البيزنطي القديم في تصميم الكنيسة، الذي يضم أكثر من 12 قبة موزعة على ثلاثة خوارس، إرثاً معمارياً لا يزول.
وتحمل الكنيسة أيضاً معمودية أثرية تعود للقرن الرابع الميلادي، شهدت تعميد البابا ديمتريوس (البابا رقم 111)، إلى جانب عمود رخامي عتيق يروي حكايات الزمن. كما تحتوي على ثلاثة هياكل؛ الهياكل المخصصة للقديسة
العذراء مريم، وللملاك ميخائيل، وللقديس تكلا هيمانوت الحبشي، مما يعكس ثراء التراث الديني والروحي للموقع الذي ساهم في نشأة شخصيات بارزة مثل البابا ديمتريوس الثاني والقديس العظيم الأنبا إبرام، أسقف الفيوم والجيزة.
وكانت كنيسة السيدة العذراء الأثرية في دلجا قد تعرضتا لهجوم في 14 أغسطس 2013 على يد متشددين من أنصار جماعة الإخوان والمتحالفين معهم، حيث تم إشعال النار وتخريب أجزاء من الدير. ورغم ذلك، تم ترميم المنشآت لاحقاً حفاظاً على هذا الصرح التاريخي الذي يشهد على تلاحم الإيمان والتاريخ.

