عبقرى زمانه طيب الذكر الساخر الكبير أحمد رجب أبدع فى رسم شخصية قاسم السماوى، الحقودية، ورسمه بريشته الساحرة طيب الذكر الفنان الكبير مصطفى حسين، عليهما رحمة الله.
تذكرت الشخصية الكاريكاتورية المحتقنة حقدًا قاسم السماوى صاحب العبارة الشهيرة جتنا نيلة فى حظنا الهباب، وأنا أطالع خبرًا متكررًا صار للأسف معتادًا، مؤداه، توقيع غرامة (مليون جنيه) على لاعب كرة شهير خالف التعليمات!
تخيل رقم الغرامة فى مجتمع يترجى من الله الستر، مليون جنيه غرامة تثير حنق الطيبين، ويتلقفها ثعالب الفضاء الإلكترونى ليمارسوا فتن المجتمع بتأجيج الحقد الطبقى الذى كان مخلفات الماضى البعيد.
الحقد يعتمل مجتمعيًّا على طبقة اللاعبين بالملايين، والمغنين بالملايين، والممثلين بالملايين، فضلًا عن القر والحسد والذى منه من مفردات السماوى الساخنة، مع أرقام منشورة عن العقود الخيالية فى تعاقدات موسم الانتقالات الشتوية الباردة.
قط لم تتلبسنى شخصية قاسم السماوى يومًا، دومًا أردد كما يتمتم الطيبون الحمد لله على الصحة والستر، ولكنها جد غرامة مليونية مستفزة، بجد منتهى الاستفزاز، وأكاد أشك فى صحة هذه الأخبار بجملتها، مفروض أن الغرامات الجزائية سرية، ولكنها منشورة وتشير بكثافة، وتثير حقدًا طبقيًّا مقلقًا على السلم المجتمعى.
وسؤال السماوى، بسوء نية، لما الغرامة مليون جنيه، يبقى اللاعب بيكسب كام مليون من اللعب؟.
ناس وناس، ناس تلعب بالملايين لعب، وناس بتحسبها بالملاليم، اللعب فى الملايين، صارت الملايين من حكايات فضائيات الليل وآخره.
وعليه، لا تستغرب فى (استقتال) أولياء الأمور لإلحاق أولادهم بمدارس الكرة، وأكاديمياتها المنتشرة حتى فى الريف والصعيد وخط القنال، ويدفعون دم قلبهم فى البريفت، بمعنى الدروس الخصوصية الكروية، والسعى إلى واسطة نافذة لدى إدارات الأندية لتسجيل أبنائهم فى فرق الكرة فى المراحل السنية المختلفة.
زمان على أيامنا الخوالى، كان الطيبون من الأهل لما يشوفوا العيال بتلعب كورة يعنفوهم، ويصادرون الكرة عادة، ويزعقون فيهم إمشى شوف مذاكرتك، الآن، يقعد ولى الأمر ع الرصيف يتفرج، ويهتف العب يابنى العب والقلب داعيلك، وبعد الظهر تجتهد ست الكل فى اللحاق بموعد التمرين وفى شنطتها العصير والساندويتشات لتغذية شبلها الذى سيجلب الملايين مستقبلًا!.
ولى الأمر فى سعيه لتأمين مستقبل نجله الموهوب، لم تعد الأمانى عذابًا فى الالتحاق بالطب ولا الهندسة ولا علوم الفضاء، ولا حتى مستحدثات الذكاء الصناعى، فحسب الكرة،
الساحرة المستديرة المجنونة جننت البلد، تلعب بالعقول، تسحرها، الملايين المملينة التى تتحدث بها الأخبار، فحسب غرامات لاعبى الكرة المليونية صارت مضغة فى الأفواه، وعقود اللاعبين بالملايين يسيل من أرقامها اللعاب!.
راجع التعاقدات الشتوية سترى عجبًا من العجب العجاب، تذهلك الملايين، ولكن لا تكن مثل قاسم السماوى، وتمارس نوعًا أسود من الحقد والحسد، ورددها ورايا ثلاث مرات اللهم طهر قلبى من الغل والحقد والحسد.
صحة المجتمع النفسية عليلة، وضيق المعايش يحتمل على مضض، وربنا يفرجها، وفرجه قريب، ولكن الاستفزاز الذى تمثله هذه الطبقة الجديدة التى تلعب بالملايين لعب، وتباهى بماركات السيارات، والبراندات- يقلقل القشرة المجتمعية الهشة، ويؤلب الطبقات، ويثير أحقادًا، ويقلق الطوبة اللى تحت رأس قاسم السماوى فى تربته، يكاد يخرج من قبره متأففًا، بتلعبوا كرة بالملايين، جتنا نيلة فى حظنا الهباب!.