تحتفل الكنيسة هذا الشهر بعيد نياحة القمص إبراهيم البسيط في كنيسته، وتتوافد الزيارات من كل مكان لنوال بركته، و حظي أن أكون حفيدة هذا القديس العظيم من أبنته كاترين جدتي أم والدي القديس البسيط ابسخيرون، وقد سميت على اسمها

في المعمودية بناء على طلب أبونا إبراهيم متنبئا لها عندما يتزوج ابنها ابسخيرون سيرزق بطفل كأول مولود، ولأن جدتي كاترين ابنة القديس العظيم كانت أملها في بنت فقامت بتسميتي “أمل” في شهادة الميلاد، و”كاترين” في المعمودية.

كما أنني أحظى أيضا بعائلة كهنوتية منذ هذا القديس، وحتى اليوم على مدار الأجيال ليكون آخر كاهن في جيله، وهو عمي الكيميائي بوزارة الداخلية، ملاك مرقس فرج الله، والذي سيم كاهنا
بيد البابا شنودة باسم القس يواقيم مرقس فرج الله، ونتمتع ببركة هذا القديس العظيم فى عائلتى حتى اليوم، كما نتمتع بجدتنا القديسة كاترين ابنة القمص ابراهيم البسيط حتى اليوم وكل
بنات العائلة سميت “كاترين” علي اسمها، واتمتع أن أكون أبنة لأم عظيمة ترث صفات الجدة “كاثرين” والدتي مريم لوقا التي تسير على نهج القمص ابراهيم البسيط وجدتي كاترين العظيمة .
سيرته العطرة
كان الأب المبارك القمص ابراهيم البسيط حتى نهاية حياته مملوءا حيوية وقوة رغم أنه تجاوز السابعة والثمانين من عمره ولكنه فوجئ ذات ليلة بهبوط حاد الزمه الفراش .. وبعد ساعات قليلة أسلم روحه في هدوء الملائكة بعد
حياة حافلة بالبساطة والحب .. وارتسمت على وجهه الطاهر ابتسامة تنم عن سلام عجيب، ارتبط به ووجده في لقاء الملائكة الأبرار الذين حملوا روحه النقية إلى الفردوس لينضم إلى الأربعة والعشرين قسيسا .. وكان ذلك فى فجر
يوم 17 / 7 / 1972 ابراهيم فى قرية بنى صامت التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا في أوائل عام 1885م، وأطلق عليه اسم ( اسكندر من أبوين مؤمنين تقيين .. ولم يكن بقريته كنيسة، وكان أهل القرية يسافرون إلى المدينة لكي يصلون فيها.

ولما أصبح فتى عمل فى مهنة الصباغة وكان الناس ينادونه بلقب يا صباغ فكان يقول لهم ( قولوا يا صباغ الهدوم … لأن فيه واحد كبير خالص صباغ نفوس ولم تكن المهنتين بعيدتين عن كهنوته الذي ناله فيما بعد .. فقد أصبح بعدها يصبغ الناس بالمعمودية كما كان يرعى شعب الرب ويجمع خرافه ..
ظهور مارمرقس له و يقيس أرض بيت الرب بالقصبة
دعي “اسكندر” مرة لحضور صلاة إكليل أحد أقاربه فى بني سويف ورأى فى الكنيسة صورة الشهيد الكاروز مارمرقس البشير فوقف أمام صورته وخاطبه قائلا : لما أنت حلو كده ما تيجي بلدنا .. أنت
حلو يا مارمرقس .. تعالى .. بنى صامت عايزاك .. وحين عاد إلى قريته صلى صلاة حارة من أجل قريته التي لا يوجد بها كنيسة .. ثم أوى إلى فراشه .. وبعد قليل ظهر فى الغرفة نور عظيم وظهر القديس
مارمرقس ليقول لاسكندر الصباغ : أصحى .. أصحى .. أنا مارمرقس أللى أنت ناديته فى بني سويف .. قوم .. قيس بالقصبة ( أداة قياس فى الريف بدل المتر ) من بيت فلان كذا قصبة .. طول .. ومن بيت فلان
إلى بيت فلان كذا قصبة .. عرض .. ودى هتكون كنيستي فى بنى صامت .. واستيقظ اسكندر في لهفة، وما أن بزغ نور الصباح حتى مسك قصبة القياس وقاس فى المكان الذي أشار عليه القديس مارمرقس .. فلما
رآه الناس يقيس بالقصبة قابلوه بالسخرية ..لأن هذا المكان أغلبه بيوت غير مسيحيين .. وبينما هم يتهكمون عليه إذ بسيدة مسيحية لها منزل من المنازل التى قاس حولها تناديه وتقول : إن
منزلنا هذا أوقفناه منذ زمن طويل ليكون كنيسة للرب .. وكان هذا المنزل هو النواة الأولى، ثم توالى شراء باقى البيوت التي قاسها اسكندر فيما بعد، كما حدد الشهيد مارمرقس.. فحقا إنها عظيمة هي أعمال الله.

كاهنا رغم انه لا يعرف القراءة والكتابة
ولتقوى اسكندر ومحبته للخدمة دعاه الرب للكهنوت رغم أن هذا لم يكن فى حسبانه أو حسبان أي شخص آخر لكن عناية السماء شاءت أن يكون كاهنا على مذبح كنيسة السيدة العذراء بقرية المناهرة مركز مطاي، وذلك فى بداية الصوم
الكبير لسنة 1928م, ويوم رسامته سأله المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف قائلا : تعرف تقرأ قبطى يا اسكندر يا ابني ؟ فأجابه : ولا عربي يا سيدنا .. ومع هذا شعر المطران القديس بروحانية وتقوى وورع اسكندر الصباغ
فرسمه كاهنا باسم القس ابراهيم .. وعقب رسامته أخذ خلوته الروحية فى دير القديس الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون واستمرت الخلوة حوالي ثلاثة أشهر ونصف تعلم خلالها القراءة والكتابة باللغتين العربية والقبطية .
وكانت كنيسة العذراء بالمناهرة يقيم فيها فى هذا الوقت القديس القس عبد المسيح المقاري المناهري، وكثيرا ما تجالس الكاهنين وسبحوا الرب من أعماق القلب .. وتشاركا خدمة المذبح ببساطة روحية .. وكان لهما فعلا فعالا ففاح عبير القداسة إلى أرجاء بيوت المؤمنين.
وبعد رسامته كاهنا على كنيسة العذراء بالمناهرة لم يتوانى فى السعي لبناء الكنيسة التي حددها له مارمرقس فكان لا يكل ولا يمل في العزم والهمة لبنائها .. ولما كمل بناؤها نقله الأنبا أثناسيوس إلى كنيسة مارمرقس ببني صامت، وقام بترقيته قمصا في عام 1944، وبدأ الكاهن الأمين في خدمة قريته وأبناء كنيستهم بكل همة ونشاط، وكانت يد الرب معه إذ أن السيد المسيح له المجد منحه نعمة كبيرة فى خدمته.

كان أبونا ابراهيم يحفظ القداس الإلهي عن ظهر قلب ونادرا جدا ما كان يستعمل الخولاجي أو الأجبية فى صلاته .. ولكنه كان أحيانا فى منتصف القداس ينسى ويقف .. فكان لا يبحث عن الخولاجى ليقرأ منه بل كان يرفع عينيه إلى السماء ويصرخ قائلا : كمــل يا كامـــل .. أى أرسل يارب بقية الكلام .. كمل أنت الصلاة أيها الرب الكامل.
ذهب القمص إبراهيم إلى كنيسة الشهيد مارمينا في مصر القديمة, وكان معه ابنه ميصائيل .. وعندما دخل إلى الكنيسة قابل القمص مينا المتوحد، فقال أبونا إبراهيم لأبنه : سلم يا ميصائيل على
أبونا البطريرك !! فنظر إليه أبونا مينا وقال : إيه ده يا أبونا ابراهيم ؟ فقال له القمص ابراهيم : هتبقى بطرك يا أبونا مينا … هتبقى بطرك .. ومرت الأيام وصار القمص مينا المتوحد بطريركا باسم
البابا كيرلس السادس رجل الصلاة والمعجزات .. وتحكي والدتي عن مدي هدوءه وعظمته معهم ومن معجزاته اتهامه بالسرقة كان ذات مرة عندما كان يجمع أموال الكنيسة تتبعه لص لكي يسرقه من القاهرة
حتي بلدته, وما أن فشل تتبعه حتى ركب أبونا إبراهيم البسيط المركب وهنا فرح اللص بعد أن سارت المركب وصرخ أنني اتسرقت ولابد أن افتش الكل وأعطي للجميع مواصفات محفظة أبونا إبراهيم التي
وضع بها الأموال التي جمعها وما أن بدأ هذا اللص بالتفتيش حتى قام القمص ابراهيم بإلقاء المحفظة في النهر ورجع منزله حزينا على تلك الواقعة وقال لزوجته القصة ونادي القديس مامرقس قال له
يعجبك كده فلوس كنيستك وما أن أنتهي من كلامه ليطرق صياد اصطاد سمكة كبيرة ليبيعها له فاشترت زوجته السمكة وذهبت لتنظيفها وما أن فتحت بطنها حتى وجدت المحفظة بالأموال التي جمعها أبونا
فصرخت لأبونا إبراهيم ومجدوا الرب .. ومن معجزاته أيضا ذات يوم رفض المراكبي انتظاره لينتقل إلي بلدته وحل المركب فقام بوضع منديله وسار في البحر وسبق المركب بركابه جميعا حتى رآه الجميع ومجدوا الله .