القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

الكنيسة ليست عارا لتحرقوا منازل الأقباط

بقلم حنان فكرى

يا الله كيف لأولئك الذين يحرقون بيوت الناس باسمك, يتصورون أن بناء كنيسة قد ينجس قريتهم؟ وكيف يخشاهم الجميع, حتي يتم الإعلان فورا أن بناء الكنيسة في قرية الفواخر بالمنيا ما هو إلا شائعة, وكأنه تصديق علي

الكنيسة ليست عارا لتحرقوا منازل الأقباط

خراب الأفكار الساكنة في عقولهم, وختم للصندوق الحجري القابع فيها, بخاتم اليأس من إصلاحها, إنه الخوف الذي لا يحمي الأرواح, لكنه يؤسس لنفي الآخر الديني, والخائفون موتي في ثياب الحياة, لأن الخوف يصنع الفناء.

خرج المتطرفون حاملين مشاعلهم, أحرقوا عددا من بيوت الأقباط, في قرية الفواخر التابعة لمركز المنيا, صدمونا بعدما تصورنا أن خطاب الكراهية تراجع, لنجده قافزا للمرة الألف في

محافظة المنيا لتثبت من جديد أن بين سكانها أناسا يريدونها إمارة داعشية, تحكمها الكراهية والتعصب وتكلل جرائم إرهابييها بجلسات العار العرفية. منعوا الأهالي من الخروج من

منازلهم, حبسوهم ليس فقط في بيوتهم ولكن في خوفهم, كيف يحرك أولئك المأفونون دينيا خبر بناء كنيسة في قريتهم, ما الذي جعلهم أداة طيعة في أيدي محرضين لا يبتغون إلا دمار الوطن؟ ما

الذي جعلهم فريسة سهلة لكراهية الآخر الديني فيجتهدون لنفيه وعزله وإبقائه في الظل كلما أمكن ذلك. ظنا منهم أن منع بناء الكنيسة هو حماية لعقيدته, وتأكيد علي عدم الاعتراف بعقيدة الآخر.

صحيح أن الأمن سيطر علي الوضع, بعدما أبلغ نيافة أنبا مكاريوس عن الهجوم, لكن ماذا عن النفوس؟ ماذا عن سرعة الإعلان عن أن بناء الكنيسة شائعة سرت في القرية!! ليظل خطاب الكراهية تجاه عقيدة الآخر, هو سيد الموقف. وتنمو

أعشاش الخوف من جديد في رؤوس البعض بحجة حماية الأرواح,والخائفون لا يمتلكون روح التحدي, الخائفون لا يمتلكون أدوات التغيير, الخائفون عقبة أمام بناة الدول القوية, أولئك الخائفون هم الذين يفرطون في تطبيق القانون,

ويتركون الإرهابيين يفلتون بأفعالهم, وهذه القوة التي أقصدها هي التي تنبع من التعددية والتنوع تحت سماء نفس الوطن, لكن البعض يريدها أحادية العقيدة, فأين يذهب المسيحيون, أين يصلون؟ أين يعيشون الحياة الطبيعية لمواطن عادي؟

يا أخي.. إذا كان بناء كنيسة لممارسة شعائرهم الدينية يغضبك, فخبرني إلي أين يذهبون وهم لا يؤمنون سوي بمعتقدهم المسيحي؟ نعم أخاطبك أنت, الذي تقع عيناك الآن علي سطوري وتتربص

بمفرداتي, أخاطبك أنت الذي تعتقد أن بناء كنيسة يجرح مشاعرك, أو ينجس قريتك, بينما لا تمانع أبدا في بناء ملهي ليلي, ولا تبحث عنه ولا تعلم من الأساس به, نعم أخاطبك أنت الذي تري

في بناء دار عبادة لممارسة شعائرعقيدة مغايرة لعقيدتك, مساسا بحدودك, فتعتدي علي حدود غيرك وتحاول حرقه وقتله بكل قناعة داخلية بأنك ترضي قلب الله, بينما واقع الأمر أنت تعصاه.

بناء الكنيسة شائعة, ياللعار, وإذا افترضنا أنها ليست شائعة, هل هذا مبرر للحرق والتدمير والطرد, ومحاولة قتل الناس عمدا؟ فالكنيسة ليست سبة, الكنيسة ليست عارا, الكنيسة بيت من بيوت الله وليست مكانا

نخجل منه حتي نسارع ونعلن أنها شائعة, الكنيسة مثل المسجد تماما, نرفع أيادينا فيها إلي فوق ونقول يا رب, ومسألة جس النبض التي تحدث بين الحين والآخر بتمرير الخبر, ومن ناحية أخري نجد من يهيج المتشددين,

أصبحت لعبة متكررة ماسخة, لأن الدولة حينما أرادت ردع أولئك الموتورين نفذت في القاهرة والعريش وسيناء ودلجا في المنيا نفسها, منذ ما يقرب من 11 عاما, وبالتحديد في عام 2013 حينما تم عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.

رجاء أوقفوا مهزلة الإفلات من العقاب, أوقفوا مهزلة إرهاب الغوغاء الذين يريدون نفي مصر في أفكار صناعة وهابية, بلادها ذاتها تخلصت منها وما زلنا نحن نقتنيها ونؤججها, بل ونكفن العدل بالقهر, فربما بعد أيام نسمع عن جلسة جديدة من جلسات العار العرفية التي يتصالح فيها الطرفان مقابل التهدئة والإفراج عن من تم القبض عليهم, وتنتهي جولة الكراهية مع المواطنة واحد صفر لصالح الكراهية.

وطنى
30 ابريل 2024 |