القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

المعلم ميخائيل جرجس البتانوني.. رائد الألحان القبطية ومايسترو الكنيسة القبطية

بقلم ماجد كامل

يعتبر المعلم ميخائيل جرجس البتانوني ( 1873- 1957 ) وبحق رائد الألحان القبطية في الكنيسة القبطية.

المعلم ميخائيل جرجس البتانوني.. رائد الألحان القبطية ومايسترو الكنيسة القبطية

أما عن ميخائيل جرجس البتانوني نفسه ؛ فهو وحسب كما كتبته عنه المؤرخة الكبيرة "إيريس حببيب المصري" ( 1918- 1994 ) في كتابها "قصة الكنيسة القبطية - الجزء التاسع " أن والده كان موظفا صغيرا بوزارة المالية ؛ ومع ذلك فلقد حباه البابا كيرلس الخامس بالصداقة إلي حد أنه كان ينزل أحيانا ضيفا عندهم.

ولقد ولد ميخائيل جرجس البتانوني في 14 سبتمبر 1873 ؛ وعندما بلغ سن الثالثة من العمر ؛ أصيبت عيناه بالرمد مما أدي إلي فقد بصره تماما ؛فالحقه والده بأحد الكتاتيب ؛ حيث مكث بها سنتين ( 1879- 1881 ) حفظ خلالها المزامير والتسبحة وتعلم اللغة القبطية ؛ وبعدها التحق بمدرسة الأقباط الكبري حيث مكث بها أربع سنوات.

ثم التحق للدراسة بالأزهر في رواق الأقباط في الفترة من ( 1885- 1891 ) وفي هذه الفترة أتقن علوم النحو والصرف والبيان ؛ كما استمع إلي ألفية بن مالك وحفظ منها أبيات كثيرة .

ولقد لاحظ البابا كيرلس الخامس في صوت هذا الشاب الناشيء جمالا خاصا ؛كما لاحظ قدرته العجيبة علي الحفظ ؛ فقام برسامته مرتلا في الكنيسة المرقسية الكبري بمرتب شهري قدره 25 قرشا ؛ ثم عينه مدرسا للألحان بالكلية الإكليركية في 2 نوفمبر1894 ( أي بعد افتتاحها بسنة ).

حيث درس اللاهوت والعقيدة علي يد القمص فيلوثاوس عوض ( 1837-1904 ) أما الألحان فقد تلقاها علي يد المعلمين أرمانيوس وصليب ؛ وكان المعلم ميخائيل يتحايل بكل الطرق الممكنة لكي يحفظ منهم الألحان ؛ لأنهما كانا بخيلين في تحفيظ الطلبة الألحان.

كما تعلم اللغة القبطية بطريقة برايل ؛ ومن هنا عينه المسئولون مدرسا لطقوس الكنيسة وعلم الدين واللغتين القبطية والعربية بمدرسة المكفوفين بالزيتون.

وحدث أنه في خلال عام 1903 زار الخديوي عباس حلمي الثاني ( 1874- 1944 ) المدرسة ؛ فقام المعلم ميخائيل بتحيته بقصيدة باللغتين القبطية ثم ترجمها الي اللغة العربية ؛ فأعجب به الخديوي جدا وقال له "برافو ميخائيل بك " ولقد تميز المعلم ميخائيل بالغيرة الشديدة علي الألحان الكنسية ؛ فكان ينتقل بين الجمعيات المختلفة لتحفيظ الألحان .

وتروي الأستاذة إيريس القصة التالية التي تدل علي غيرته الشديدة علي ألحان الكنيسة ؛ وذلك أن المتنيح القمص صليب سوريال ( 1916- 1994 ) قد طلب المعلم ميخائيل منه موعد لكي يتثبت من

حفظه للالحان أسبوع الآلام ؛ فأشفق الأب الكاهن علي شيحوخة الرجل ؛ وطلب منه أن يتقابلا في الإكليركية ؛ ولكنه فوجيء أن المعلم ميخائيل قد زاره في منزله ؛ وما أن شاهده إلا ان

بادره بالقول " أريد يا ابونا صليب أن أطمئن علي تمكنك من ألحان أسبوع الآلام .وهذا هو السبب الذي دفع بي الي المجيء إليك لأراجعها معك ". وظل يراجعها معه لمدة ثلاث ساعات متواصلة .

ولقد كان يقوم مع كل كاهن بنفس هذا التصرف ؛ ولقد ظل مرتبه ثابتا لم يرتفع قرشا خلال الستين عاما التي قضاها في الخدمة ( 1893- 1957 ) .

ولقد قام بإداء صلوات البصخة المقدسة من يوم أحد الشعانين إلي مساء أربعاء أيوب ؛ وفي نهاية اليوم طلب من تلميذه المرافق له أن يمر عليه باكر يوم خميس العهد ليصحبه إلي الكنيسة كالمعتاد ؛ ولكن شاءت إرادة الله ان يتنيح فجر يوم خميس العهد 18 أبريل 1957 عن عمر يناهز 84 عاما .

ولقد وصفه راغب مفتاح ( 1898- 2001 ) بقوله " أنه الأستاذ العبقري الذي تمكن بعبقريته الفنية الخارقة من أن يؤدي للموسيقي القبطية خدمة تجل عن الوصف ؛ فكان هو الواسطة الوحيدة في تسليم الألحان القبطية علي أصالتها إلينا " .

ولقد نجح بنعمة الله في تسجيل القداسين الباسيلي والغريغوروي وألحان البصخة المقدسة بواسطة شمامسة ومرتلين تسلموا اللحن عن أستاذهم الأول المعلم ميخائيل .

(لمزيد من التفصيل راجع :- إيريس حبيب المصري :- الكنيسة القبطية قصة الكنيسة القبطية ؛الجزء التاسع ؛ الصفحات من 171- 176 ) .

ولقد كتب عنه الدكتور سليمان نسيم (1923- 1998 ) مقالا في مجلة مدارس الأحد عقب نياحته في مايو 1957 بعنوان "المعلم ميخائيل جرجس " حيث وصفه أنه فنان مطبوع له أذن موسيقية دقيقة ؛ تلتقط النغم ؛وكان يحب الترتيل

الكنسي ؛ ولقد كان في شبابه لا تعييه حيلة في جمع الألحان فكان يأخذ نقودا من والده ؛ ويعطيها لعرفاء صغيري السن ؛ ويطلب منهم أن يجلسوا إلي المعلمين الكبار ليحفظوا اللحن ؛ بينما يجلس هو في الخفاء يلتقط اللحن .

ولقد أستمع البروفيسر نيولاند سميث Newland Smith ( 1875- ما بعد 1957 ) ) أستاذ الموسيقي بجامعة أكسفورد الذي أحضره الدكتور راغب مفتاح سبع سنوات متواصلة لتحفيظ الألحان الكنسية في نوتة دقيقة شاملة ؛ لم يسترح لكل المعلمين الذين سمعهم إلا للمعلم ميخائيل

؛إذ كان متقن اللحن ؛دقيق التوقيع ؛ سلس الأداء ؛ يستيسر معه مراجعة اللحن عدة مرات ؛فيكون ثابتا وبذلك يثبت تسجيله في النوتة لدرجة أنه اطلق عليه لقب المعلم الكبير Great Master ( سليمان نسيم :- المعلم ميخائيل جرجس ؛ عدد شهر مايو 1957 ؛ الصفحات من 7 - 10 ) .

1-علي المعلم أن يقدر صوت التلميذ وطبقته ودرجة احتماله ؛ ثم عليه أن يؤدي اللحن أمام اتلميذ في الطبقة التي تناسب التلميذ وتريحه .

2-علي المعلم أن يشجع التلميذ علي نجاحه ؛ ولا يعنفه علي ما ليس تقصير منه .

3-علي المعلم أداء اللحن بروحانية ؛ فالمعني والهزات والربط والتذوق تنمج جميعا في الأسلوب الذي يؤدي به اللحن .

والمعلم الحقيقي هو الذي يذكي في التلميذ تذوق اللحن .( سليمان نسيم :- المعلم ميخائيل جرجس ؛نفس المرجع السابق ؛ صفحة 9 و10 ) .

ويروي عنه قبل وفاته بنحو شهر؛ بحث الشباب عن معلم يقيم التسبحة ؛فلم يجدوا أي من المعلمين ؛ وكان المعلم ميخائيل في وقت راحته في أحد الأماكن بالكلية الإكليركية ؛فقاموا بتوجيه الدعوة إليه وهم خجلين نظرا لشيخوخة الرجل ؛ ولكن الرجل أسرع إلي الكنيسة وأقام التسبحة في همة ونشاط .

ويروي بيشوي فخري في مقال له علي صفحة الكنوز القبطية أن القمص سيداروس سعد رئيس الدير المحرق خلال الفترة من ( 1936- 1937 ) أستدعي المعلم ميخائيل الي دير المحرق لتسليم رهبان الدير الألحان الكبيرة ؛ فكانت أول زيارة له في

نهاية عام 1936 ؛حيث تعرف علي المعلم توفيق يوسف ؛ الذي أستلم منه ألحان عديدة أفاد بها كثيرين من رهبان الدير وطلبة اكليركية المحرق وكثير من كهنة الصعيد ( بيشوي فخري :- المعلم ميخائيل جرجس البتانوني ؛موقع الكنوز القبطية ) .

وحسبما يذكر بيشوي فخري أن المعلم ميخائيل قد أخبر الدكتور راغب مفتاح أن معظم موسيقي القداس الكيرلس قد ضاعت منذ زمن ولم يبق منها إلا لحن الترحيم ؛واللحن الذي يقال في نهاية المجمع ( ليس لنا نحن أيها السيد ) .

وتذكر بعض الأحاديث الشفوية التي سمعتها من أساتذتنا الكبار في الكلية الإكليركية الذين عاصروا المعلم ميخائيل أنه كانت لديه موهبة التلحين ؛ وكثير من التراتيل الكنيسة المتداولة من ألحانه ومنها لحن

"" يا كل الصفوف السمائيين " الذي يقال في عيد القيامة وطول فترة الخماسين المقدسة ؛ ونشيد " معهد اللاهوت يا نور الهدي " الذي نظمه حبيب جرجس ؛ كما انه كانت توجد لديه مهارة كبيرة في العزف علي العود .

بعض مصادر ومراجع المقالة :-

1-إيريس حبيب المصري :- الكنيسة القبطية قصة الكنيسة القبطية الجزء التاسع ؛ الصفحات من 171 - 176 .

2-سليمان نسيم :- المعلم ميخائيل جرجس :- مجلة مدارس الأحد ؛عدد شهر مايو 1957 م بشنس 1673 ش ؛ الصفحات من 7 10 .

3-بيشوي فخري :- المعلم ميخائيل جرجس البتانوني - موقع الكنوز القبطية .

ماجد كامل - أقباط متحدون
20 ابريل 2024 |