القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القمص ميخائيل إبراهيم.. الكاهن النموذج للرعاية الحقيقة

بقلم ماجد كامل

لعل من بين الآباء الكهنة الذين قدموا نموذج رائع للرعاية المسيحية الحقيقة ، يأتي ذكر القمص ميخائيل إبراهيم (1899 – 1975 ) من بينهم.

القمص ميخائيل إبراهيم.. الكاهن النموذج للرعاية الحقيقة

أولا : ميلاده ونشأته :

ولد الطفل ميخائيل في 20 أبريل 1899 ، وتربي فى حضن الكنيسة بقرية كفر عبده ، التحق منذ طفولته بالكتاب الملحق بالكنيسة ، فالتهب قلبه بمحبة الله والارتباط بالخدمة.

كما التحق فيما بعد بمدرسة الاقباط الكبرى.

وعمل موظفا بوزارة الداخلية فى مراكز البوليس بفوة وشربين وكفر الشيخ ، ثم أنتقل إلي بلبيس فههيا حيث قضي بها عشر سنوات ، وذلك خلال الفترة من (1938- 1948 ).

ثم عمل بمحافظة الجيزة لمدة ثلاث سنوات.

بداية دعوته للكهنوت :

دعي إلي الكهنوت ببلدته كفر عبده في 16 سبتمبر 1951 ، وكانت باكورة قرارته فور رسامته هي إلغاء الأطباق لجمع التبرعات ، والاكتفاء بصندوق الكنيسة ، كما قام بإلغاء الرسوم على الخدمات الكنسية.

ترقيته للقمصية :

ترقى إلي درجة القمصية خلال شهر مايو 1952.

بداية خدمته فى مدينة القاهرة.

أثار عدو الخير الحرب ضده ، وللأسف الشديد جاءته الحرب من الأب الكاهن شريكه فى الخدمة حاسبا ما يفعله القمص ميخائيل نوعا من المغالاة لا معنى لها .فسافر أبونا ميخائيل إلى القاهرة ، ولجأ إلي كنيسة مارمينا بمصر القديمة ، وكان يصلي بحرارة ودموع لكي يفتقد الرب شعبه فى كفر عبده.

يداية خدمته فى كنيسة مارمرقس شبرا :

تسبب غياب أحد الآباء الكهنة الرهبان بكنيسة مارمرقس شبرا ، إلي طلب القمص مرقس داود ( 1879- 1986 ) ليخدم معه فى قداس الأحد ، فلبى الدعوة وأستراح شعب الكنيسة هناك إليه ، فطلبوا منه الأستمرار فى خدمة الكنيسة ، وهكذا رتب الله أن ينتقل للخدمة فى كنيسة مارمرقس شبرا ، واستمر بها حتى نياحته عام 1975.

فضائله : أهمية الصلاة فى حياته :

كان لا يعمل عملا صغيرا أو كبيرا ، دون أن يبدأ هذا العمل بالصلاة ، قال عنه المتنيح القمص أشعياء ميخائيل " حينما نتحدث عن أبينا ميخائيل ، لا بد أن يرتقى ذهننا إلي حياة الصلاة.

حينما نتحدث عن الصلاة الدائمة ، لا بد أن ترتبط بذهننا بأبونا ميخائيل ، وإن أردنا تفسيرا للآية التى تقول " صلوا كل حين " ، لا بد أن نسرح فى حياة رجل الصلاة القمص ميخائيل ابراهيم ".

وكان يكتب على المذبح أسماء كل الذين طلبوا منه الصلاة من أجلهم.

وبذكر الدكتور رمسيس فرج الطبيب المعالج له ،أنه مساء يوم الأثنين 25 مارس 1975 ، وقبل نياحته بساعات ، وكان فى غيبوبة كاملة ، ولكنه عند منتصف الليل تنبه قليلا.

وطلب من الطبيب المعالج أن يعدله قليلا من على السرير ، وصلى صلاة نصف الليل كاملة.

أهمية القداس الإلهي فى حياته :

كان القداس هو محور حياته كلها ، يصب فيه كل طاقاته وحبه ، وما من مشكلة عرضت عليه ، إلا وكان يضعها على المذبح ، وكم من القداسات الخاصة رفعت.

وكان يطلب أن لا يحرم من المذبح والتناول أبدا ، لدرجة أنه تناول قبل نياحته بيوم .

و ذات مرة وهو يصلي القداس الإلهي ، وأثناء صرف ملاك الذبيحة ورش الماء ، فوجيء الجميع عاد إلي الهيكل وسجد أمام طفل ، وكرر السجود ثلاث مرات ، وقال له " سامحني يا ابني أنا عليت صوتي عليك ، سامحني " فتعجب الكاهن الشريك معه لماذا يسجد لطفل أمامه هكذا ، فقال له " لا تعرف يا أبانا ماذا حدث.

سأخبرك ، لكن أرجوك أن لا يعرف أحد شيئا إلا بعد سفري ( يقصد نياحته ).

يينما كنت أذكر أسماء الذين طلبوا مني الصلاة من أجلهم ، كنت أرى ملاكا يقف بجوار المذبح ثم يختفي ، وتكرر هذا الأمر حتى رأيت الشماس الصغير يتحرك ، مما أدى إلى تشتت ذهني ، فصرخت فيه لكي يهدأ ، فتركني الملاك ولم يعد !! ".

وذات مرة أخرى شاهد شماسا يخرج من حجرة الشمامسة وقد تسللت الدموع من عينيه ، فذهب أبونا إليه يسأله عن سبب حزنه ، فقال" لقد أتيت يا أبونا متأخرا وكنت أريد أن أخدم شماسا فى ليلة العيد ، لكنني لم أجد التونية.

لعل أحد الشمامسة الغرباء أخذها ليصلي بها.

فما كان من أبونا ميخائيل إلا أن أمسك يد الشاب ودخل به إلي حجرته ليقدم له تونيته الخاصة.

فرفض الشاب تماما ، فقال له أبونا : عليك بركة ألبسها واخدم ولا تحزن ..... افرح ، لأنه لا يصح ان تحزن في هذا اليوم " .

العناية بالفقراء والمحتاجين :

لم يكن القمص ميخائيل ابراهيم يرد طلب أي أحد يقصده فى خدمة ، وطالما سأله أفراد الشعب قائلين : هل يصح تقديم المساعدة لكل من يطلب ؟ ، حتى وإن كانت حالته الصحية تمكنه من العمل ، فتقديم المساعدة بهذه الطريقة قد تشجعه على التمادى فى الكسل اعتمادا على عطف الناس ؟ فكان رده دائما " من طلب منك ، فلا ترده ".

يذكر عنه القمص ميخائيل داود أنه كان أحيانا يأتيه فقير معدم ، ثيابه رثة وممزقة.

فكان يعطيه لا من ملابسه المستعملة ، بل من ملابسه الجديدة.

وكان شعاره دائما " بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر ، فبي قد قعلتم " ( مت 25 : 4 ) .

وقيل عنه أنه قبوله نعمة الكهنوت ، أرسل بدلته الخاصة إلي المكوجي ، ولما تأخرت عنده ،وعند سؤاله عن سبب التأخير ، أخبره أنها سرقت منه ، فسأله ميخائيل أفندي ( هل سرقت منك قبل أن تكويها أم بعد كيها ؟ ) ، فأخبره أنها سرقت منه بعد كيها ، فما كان من ميخائيل افندي إلا ان قام بدفع ثمن المكواة وقال له " أنت تعبت وكويت البدلة.

وأنا لا أستحل لنفسي أن أحرمك من أجرة تعبك " .

تعبه فى الخدمة والافتقاد :

أهتم القمص ميخائيل ابراهيم ، أثناء خدمته فى ههيا ، بعمل سجلات لكل الأسر المسيحية ، مبينا به أسماء أفراد كل أسرة وعملهم وحياتهم الروحية.

وبه أيضا حالات الميلاد والعماد والزواج ن وتواريخ كل منها ، كما أنشأ سجلا للغياب والحضور ، القداسات والاجتماعات ، لكل أفراد الشعب.

وكان بنفسه يفتقد الغائبين ، ويسأل عنهم ، ويطمئن على كل الشعب ، ويصلى لأجل الكل ، ولا ينام طلما كان هناك مريض أو محتاج أو متألم ، إلا إذا عمل على راحته قدر المستطاع ، وكان يفتقد الإخوة الأصاغر والأميين : يجلس إليهم على حصيرة أو بدونها.

تاريخ نياحته :

تنيح أبونا ميخائيل فى فجر يوم الأربعاء الموافق 26 مارس 1975 عن عمر يناهز 76 عاما.

وقام الدكتور يوسف يواسف يواقيم بتحنيط الجسد ، ووضعه فى كنيسة مارمرقس شبرا حتى ظهر يوم الخميس 27 مارس ليتبارك به جموع الشعب ، وفى الواحدة بعد الظهر نقل الجثمان إلى

الكاتدرائية المرقسية ، ليترأس قداسة البابا شنودة الثالث الصلاة على جثمانه الطاهر ، بحضور أصحاب النيافة ( الأنبا صموئيل أسقف الخدمات – الأنبا يوأنس أسقف الغربية –

الأنبا باخومويس مطران البحيرة – الأنبا تيموثاوس الأسقف العام ) ، وحضر الصلاة أيضا وكيل البطريركية بالقاهرة وحوال مائة كاهن من القاهرة والإسكندرية ، وآلاف من جموع الشعب من أولاده.

قالوا عنه بعد نياحته :

+ قداسة البابا شنودة الثالث : إننا نغبط أنفسنا كثيرا ، لأننا عشنا فى هذا الجيل الذي عاش فيه القمص ميخائيل ابراهيم .... أجيال كثيرة تحسدنا ، لأننا رأينا هذا الرجل ، وسمعنها وعاصرنا وعاشرناه ..... إن القمص ميخائيل ابراهيم كان بركة فى زمننا الحاضر.

كان كل من يجلس إليه ، يشعر أنه أخذ من الروح شيئا.

كان إنسان نشهد أن فيه روح الله .... إنه شخص من السماء ، انتدبته السماء زمنا ليعيش بيننا ، وليقدم للبشرية عينة صالحة ، وصورة مضيئة من الحياة الروحية السليمة .

+ الأنبا يؤانس أسقف الغربية : أنه قديس معاصر ، أرسلته السماء شاهدا للملكوت فى جيلنا الشرير الذى بردت فيه المحبة ، ، مبكتا للكثيرين – دون كلام- على فتور محبتهم ، شاهدا بتواضعه لعمل نعمة الله الخفية فى كل نفس متضعة تحبه من القلب.

لقد شهد الجميع لقداسته ، مسيحيون ومسلمون ، واعتقدوا فى تقواه.

وكم كان يستدعى – وهو علماني – الصلاة لأجل المرضى ، وكان الرب يتمجد بشفائهم.

+ الأنبا بيمن أسقف ملوي :لقد كان أبونا ميخائيل قطعة من السماء على الأرض.

وهو الآن عضو من كنيسة جيلنا فى السماء ، ليشفع فينا.

مراجع المقالة :

1 البابا شنودة الثالث : مثل فى الرعاية – القمص ميخائيل ابراهيم من 1899- 1975.

2-القمص تادرس يعقوب ملطي : قاموس آباء الكنيسة القديسين مع بعض الشخصيات الكنسية( ض – م ) ، كنيسة مارمينا – نيوجرسي ، 2000 ، الصفحات من 604- 608 .

ماجد كامل - أقباط متحدون
26 مارس 2024 |