القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

ذكرى نياحة القمص فلتاؤس السريانى

احتل القديس فلتاؤس السرياني مكانة خاصة في قلوب الأقباط ممن عرفوه في حياته على الأرض ، و بعد نياحته من خلال سيرته العطرة ومعجزاته التي لمست الكثيرين..وهنا نقدم سيرته ورحلته على الأرض والتي اجتازها بنجاح حتى صعدت روحه إلى السماء في 17 مارس عام 2010، تاركا إرثا من المحبة والعطاء فى قلوب آلاف الأقباط

ذكرى نياحة القمص فلتاؤس السريانى

نشأته:

ولد كامل أبونا فلتاؤس في 1922/4/1 م، فى منزل المقدس جرجس أيوب بمدينة الزقازيق وزوجته هيلانه عطيه، مع خمس بنات وولد ، وهم، أوجينى، مارى ، آجيا ، أنجيل ، عزيز ، سعاد ، وكان كامل أصغرهم سنا ، و ألحقه والده

بكتاب الكنيسة مع أخيه الأكبر عزيز حيث حفظ المزامير وبعض ألحان الكنيسة والمردات و اتقن ألحانا كثيرة ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وكان محبوبا وسط زملاءه ومعلميه، إذ نشأ وسط أسرة تقية مرتبطة بالرب يسوع .

وفي سن الثانية عشر عاما انتقلت أمه إلى السماء، وانتقلت الأسرة إلى حي شبرا بالقرب من كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران، وتزوج المقدس جرجس من سيدة فاضلة راعت أبنائه بالحب والحنان وكانت لهم بمثابة أم حقيقيه فعوضهم الرب عن فقدانهم لأمهم .

أرسل الرب لهم القمص جرجس بطرس كاهن كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران، ليتفقد أحوال الأسرة، فتعلق كامل به واتخذه أب اعتراف له ، وارتبط كامل بالكنيسة ارتباطا وطيدا وانتظم في حضور القداسات وكان مواظبا على دروس حفظ الألحان، ولما رأى القمص جرجس بطرس فى كامل الالتزام الروحى زكاه لدى قداسه البابا يوأنس التاسع عشر البطريرك 113 ليرسمه شماسا فزاده هذا التزاما روحيا وحبا للرب الاله .

كان كامل يتمتع بصفات خاصة توحي بشخص قريبا من الله ويحيا معه بأمانة وطهارة، فكان يستقطع من مصروفه ليعطى جاره الفقير وأيضًا يشترى الحلوى ليوزعها على أقرانه من الأطفال حتى وهو صغير السن فكل طفل يتمسك بما لديه من مال أو لعبه ولكن كامل صنع ما هو مختلف عن طبيعته كطفل

خطوات في طريق الرهبنة:

التحق كامل بالمرحلة الثانوية ومع تقدمه فى الدراسه تقدم أيضا فى الروح وظهر هذا فى حبه الشديد للصلاة والتسبيح وانضم للخدمة فبدأ بافتقاد الأطفال والخدمة فى مدارس الأحد وانتهى بتعليم الألحان لبعض الفتيان والأطفال، وكانت له خطواته الروحية بالمنزل وكان ملتزما بقانونه الروحى بإرشاد أب اعترافه .

وفي إحدى المرات فى زياره روحية قام بها بعض من الشمامسة والخدام لطاحونة الهواء بمصر القديمة التى كان يقطنها القمص مينا المتوحد قداسه البابا كيرلس السادس فيما بعد وعند نهاية الزيارة أعطى القمص مينا ورقه لكامل مكتوب فيها : لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه ؟ (مر 36:8)، وأصبحت هذه الآية محور تفكيره فانعكس ذلك على صلواته وأصوامه وقراءاته فى الكتب المقدسه.

وما أن انتهى من شهادة البكالوريا الثانوية العامة حتى فكر في الانطلاق للبرية للرهبنة وتسليم حياته كاملة لله، و صارح أب اعترافه برغبته فوجد تشجيعا منه، وزاد من رغبته في حياة الرهبنة، أنه عمل على السفن والمراكب فى وسط البحر ولفترات طويلة مما أهله فيما بعد ليحيا حياة السكينة والتأمل .

وذهب أخيه الأكبر عزيز إلى دير السريان طلبا للرهبنة فذهب أبوه الى هناك وتقابل مع المسئولين عن الدير وتحدث بانفعال وأصر على عودة إبنه معه إلى البيت ومع إصرار أبيه عاد عزيز إلى العالم ولم يمر إلا أشهر قليلة حتى

أصيب عزيز بأورام فى الرقبة وعجز الأطباء عن علاجه وانتقل على إثرها إلى السماء وهو فى السابع والعشرين من عمره، وبرغم تأثير هذا على الأسرة، إلا أن هذا الحادث ساهم فيما بعد في قبول والده برهبنة إبنه الأصغر كامل بالدير .

على باب الدير :

صارح كامل والده برغبته في حياة الرهبنة فصار الأب فى حيره من أمره اذ أمامه اختارين لا ثالث لهما إما أن يقبل ولم يبق له من أبنائه الذكور سواه بعد نياحة الإبن الأكبر وإما أن يرفض

وفى هذه الحالة يمكن أن يكون مصيره كمصير إبنه الآخر ، وذهب كامل مع القمص جرجس بطرس والتقى بالقمص مينا المتوحد فنصحاه بأن يذهب إلى الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان فى ذلك الحين فى

مقر الدير بالقاهرة، فهندم نفسه واستعد للقاء وأراد مثلث الرحمات الأنبا ثاؤفيلس اختباره، هل يصلح للرهبنه ام لا؟، وعند اللقاء وعرض الرغبة للرهبنة على سيدنا الأنبا ثاؤفيلس نظر

إليه قائلا : رهبنة إيه دى !دى البدلة اللى لابسها يشرب منها العصفور ويقصد بقوله إنها نظيفه ، فسارع كامل بالرد : يعنى يا سيدنا أنا هكون أحسن من مكسيموس ودوماديوس اللى كانوا أولاد ملوك ؟!

فأمر بأن يبيت فى مخزن ملىء بالفحم والشمع وقطع الحديد، فقضى كامل هذه الليلة ورغبته فى الرهبنة جعلته يتحمل أى مشقة فى سبيل تحقيق تلك الرغبة، و لم يجد مكانا لراحه جسمه ولكنه عبر تلك الليلة وذهنه متجه إلى الله القادر على كل شىْ

وعند لقاء سيدنا فى الصباح كانت ملابسه متسخة، قال له : اهو كده ! انت يا ابنى تنفع راهب ! .. فانتابته فرحه غامرة، وكتب سيدنا خطابا وناوله إياه قائلا : يالا روح الدير ، ووزع كامل كل ما لديه من مال ولم يتبقى معه سوى ثمن تذكرة الأتوبيس

الذى سينقله فى رحلته للدير ، ووصل الدير وقدم الخطاب الذى أخذه من سيدنا موجه لربيتة الدير لقبوله، وأعطاه حجرة صغيرة للمبيت وكلفه بعمل المطبخ فانتهى منه بهمه وزاد عليه نظافه الحمامات وخدمة الآباء الشيوخ، وكان هذا فى اغسطس 1948 م.

الإستعداد للوحدة :

ومنذ اللحظة الأولى لدخوله الدير كان كامل يستعد بهمة لارتداء زي الرهبنة ، و بعد ثلاثة أشهر قضاها كامل استدعاه الأنبا ثاؤفيلس رئيس الدير بعد أن سأل الآباء بالدير عنه وسأل أب اعترافه فى الدير و هو أبونا عبد الملاك السريانى، فكانت التزكيه بالإجماع ، وفي عام 1948 تمت رسامته راهبا، وفى عشية رسامته ظهر ملاك من السيرافيم ذو الستة أجنحة وكان يحرك أجنحته كما لو كان يصفق بهم

وبات كامل تلك الليلة فى الكنيسة وفى الصباح الباكر تمت رسامته باسم الراهب فلتاؤس السرياني، حيث كان سيدنا يحب هذا الإسم ، إذ كان اسم رئيس الدير الذى سبقه فى رئاسه الدير القمص فلتاؤس الكبير ، والذى عينه وكيلا للدير فى فترة رئاسته

للدير وأعطاه قلايته ايضا ، وما ان استقل بقلايته حتى وجدها واسعه ووجد بها أشياء كثيرة رأى أنها مرفهه وهو يحب التجرد فأفرغها من محتوياتها وأرسلها إلى المكان الذى يوزع فيه الأشياء على الآباء بالدير لكى ياخد منها كل من يحتاج شىْ.

طريق الفقر الاختياري :

عاش الراهب فلتاؤس السرياني حياة التجرد والفقر الاختيارى وهكذا عاش طوال مدة رهبنته،

ومع بداية حياته الرهبانية أخذ ينسخ 10 صفحات من مخطوط ميامر مار اسحاق السريانى يوميا فزادته هذه الممارسه ثباتا فى الرب وحبا له وانطلاقا فى حياته النسكيه ، وخلال السنوات الثلاث الأولى من رهبنته بدأ يجاهد جهادات نسكية

شديدة حتى أنه كان يصوم يوميا إلى المساء ويعمل أكثر من 300 ميطانية يوميا عدا السبوت والآحاد وأيام الأعياد ، كما عاش بتدقيق فى صلوات الأجبية بكاملها ، بالإضافة إلى صلاة يسوع وصلوات قصيرة كان يرددها بشفتيه وقلبه ينبض

بها، وداوم على قراءة سير الآباء القديسين وأقوالهم هذا بالإضافة إلى نسخ المخطوطات كعمل يديه فنسخ مخطوط رقم 290 أ _ ميامر قديسين (سير الآباء السواح ) ونسخ أيضا نسكيات مار اسحاق _سفر المزامير _ رؤوس المعرفه _ الشيخ الروحانى .

أبونا فلتاؤس كاهنا:

بعد مرور عام تقريبا من رهبنته مع أواخر عام 1949 وأوائل عام 1950 تقريبا نال أبونا فلتاؤس نعمة الكهنوت بيد مثلث الرحمات الأنبا ثاؤفيلس رئيس الدير ثم رقى إلى رتبة القمصية مع أواخر عام 1951 واول 1952 تقريبا .

تجارب روحية:

حدث يوما أنه كان متوجها إلى دير البراموس برفقه أبونا أنطونيوس السريانى قداسه البابا شنوده حاليا وهبت ريح مفاجئة تطايرت معها الرمال لتصفعهما صفعات موجعة، ولم ينتهى الأمر عند هذا الحد بل زاد

الأمر صعوبة أنهما تاها فى الجبل وتاهت معالم دير البراموس الذى قصداه وكان الوقت ليلا ولم يكن لهما ملاذا سوى الصلاة لتأتي المعونة من الرب العلى، وأتى الفرج سريعا من عند الرب وعلى لسان أبونا

فلتاؤس السريانى اذ نطق باتجاه السير بايعاذ من الرب فحدد أنهما على مقربة من جبل بعده بنصف ساعه سنرى صليب الدير .. وقد كان هذا الوصف مسافة واتجاه هو الوصف الصحيح للدير ، برغم أن دير البراموس يطفىْ

ماكينة الإنارة فى هذا الوقت المتأخر من الليل ولكن عظمة محبه الله لأبنائه جعلت ماكينة الدير تعمل فى هذه الليلة وأضاءت معها صليب الدير ليكون هداية لهما فى الطريق وسط الليل الحالك فى ظلامه والعاصف برماله

وأيضًا ذات مره اخترق أبونا فلتاؤس السريانى البرية إلى أن وصل إلى منطقة صخرية وحين وطأت أقدامه ذلك المكان حتى جرح إصبع قدمه ونزف بشده وزاد الأمر سوءا شدة الألم فى إصبع القدم، فبكى كطفل ينشد العون من الرب الحنان وصرخ قائلا : يارب أعمل إيه واروح فين ؟ !

وأتاه العون سريعا إذ ظهر له شخص ذو لحية بيضاء طويلة يبدو أنه أحد الآباء السواح الساكنين فى تلك الضياع من البرية، وناداه هذا الأب الوقور فى منظره له : مالك يا ابونا فلتاؤس ؟! لم يستطيع أبونا فلتاؤس أن ينطق بكلمة ولكنه أشار على إصبعه

الذى ينزف بصمت ، فرشمه بعلامة الصليب فتوقف النزيف وزال الألم ، واختفى أى أثر لجرح فى إصبعه واختفى هذا الإنسان فجأه كما ظهر من قبل فجأه ، وعاد أبونا فلتاؤس إلى الدير متعجبا متأملا فى المعونة الإلهية وحياة الآباء السواح وساكني المغاير .

لم يفارق ذلك المشهد الذى رآه فكر أبينا فلتاؤس بل جال بفكره الرهبنة والسياحة فى العصور الأولى للرهبنة و طرح أمامها بعض التساؤلات ، هل يمكن لراهب صغير وحديث العهد بالرهبنة أن يسلك مثلما فعل الآباء

الرهبان فى العصور الأولى ؟ ومن سيوافقه على الدخول للبرية الخارجية؟ فعقد النية على أن يحيا حياة التوحد داخل الدير ورتب أموره ليسكن الحصن الأثري بالدير واستعد لهذه الخطوه بشوق واجتهاد ، وفعلا نال ما سعى

إليه بعد أن استأذن أب اعترافه وربيتة الدير فسكن قلاية بالحصن تجاور كنيسة الملاك بالدور الرابع وكانت أبواب القلاية مكسرة ونوافذها تخلع معظمها ولا يوجد سوى حصيره، وبدأ بقانون روحي حيث يصوم إلى المساء

ويصلي صلاة المزامير وعمل ميطانيات كثيرة أعانته على قسوة برودة الشتاء، وفي إحدى المرات جاع ونزل من الحصن والتقى مع أحد الآباء الشيوخ وقال له : يا ابونا أنا جعان وما عنديش حاجه آكلها ، فقال له مش انت عارف

مكان الخبز والملح فين ؟ فقال له ابونا فلتاؤس أيوه يا ابونا ، فرد عليه الأب الشيخ خلاص روح وكل منهم وهدى سرك ، ومنذ ذلك الحين أصبح أبونا فلتاؤس ينزل إلى الطابونة القديمة بعد الغروب ويأخذ بعض القراقيش ثم

يذهب إلى المائدة الأثرية غرب كنيسة السريان ويأخذ بعض الملح ويأكل ويشرب قليل من الماء ثم يصعد للحصن دون أن يتحدث مع احد ، ولاحظ المتنيح أبونا يوسف الكبير ذلك فأخذ يترك له بعض البقوليات بجانب الخبز والملح حتى يأكل منها.

أما عن الصمت:

فكان ابونا فلتاؤس يضع زلطه فى فمه حتى يدرب نفسه على فضيلة الصمت ، وكان لا يخرج الزلطه من فمه إلا عند الصلاة وعند الأكل ، ومن شدة النسك فى طعامه إنتابته إمساك شديد صاحبه آلام شديدة عند دخول الحمام وفى تألمه هذا

إلتجأ إلى الرب فنزل الى الكنيسة ودخل إلى الهيكل ووقف أمام المذبح وبكى بكاءا مرا فظهر له ملاك منير يعزيه ويقويه، وعند خروجه من الكنيسه وجد بعض الخضروات مزروعة فى حوض أمام الكنيسة فأكل منها، فزال عنه الإمساك .

وفي اليوم التالى نزل لينظر إلى الحوض فلم يجد تلك الخضروات التى رآها بالأمس فعلم أن الرب قد صنع معه معجزة.

خدمته في القداس وحروب الشياطين:

اعتاد ابونا فلتاؤس عندما يكون عليه الدور فى خدمة القداس أن يبكر إلى الرب قبل أن يضرب جرس صلاة نصف الليل كقول داوود

يا الله الهى انت اليك أبكر عطشت إليك نفسي ( مز 1:63 )، وكثيرا ما كانت الشياطين تحاول إزعاجه وإبعاده عن حياته الملائكية التى كان يحياها

وإحدى المرات ذهب إليه الراهب المكلف بالخدمة الشماسيه ليتعجله للقداس وعندما اقترب من القنطرة الخشبية الواصلة بين السلم والحصن وعندما دفع الباب ليتعجل القمص فلتاؤس السريانى إذ به يسمع أصوات قبيحة تتصاعد فى

حدتها وكأنها مشاجرة وعندما اقترب أخذ ينادي واذ به يرى أبونا القمص فلتاؤس واقفا أمامه منتهرا إياه على قدومه وأخذه مسرعا إلى الكنيسة، وكثير ما كانوا يحاولون مضايقته بأن يطفئوا نور مصباحه الكيروسين الذى كان

يقرأ ويصلي على ضوءه وأحيانا أخرى يظهرون له بأشكال قبيحة تتصاعد معها حده الصراخ ، ومره حاولوا أن يمنعوه من دخول قلايته بالحصن ، ومرة أخرى قدموا عليه بصوت رياح شديدة ودخلوا إلى قلايته وجروه خارجها وأوسعوه ضربا

حتى تركوا على جسده أثار كدمات وتسلخات فى اليدين والقدمين ، ومرة أخرى كان بالقرب من قلايته حفره وعندما اقترب منها دفعه أحدهم للسقوط فى الحفرة لولا تدخل الرب ونجاه ، وكثير من تلك الحروب التى واجهها بشجاعه

واتضاع أمام الله وبأصوامه ومزاميره استطاع أن يتغلب عليها، والأكتر من هذا أنه كان محتفظا بسلامه وبثباته أمام كل هذه الحروب، ومنحه الرب موهبة إخراج الشياطين ، فأخرج شياطين كثيرة حتى أن عرقه كان يخرج الشياطين بقوة رب الجنود.

خدمته خارج الدير :

خرج أبونا فلتاؤس السريانى خارج بغرض الخدمة عندما ذهب إلى دير الشهيد العظيم مارمينا لتعميره وقضى هناك حوالى خمسة أشهر قام خلالها بأعمال المطبخ واعمال الدير ، وهناك موقف طريف تعرضوا له هناك إذ ان

بئر الماء يبعد عنهم بحوالى 2 كم وكان لديهم حمار يجر كارته ليحضروا بها الماء ويوم من الأيام تذمر الحمار عليهم من شدة التعب ورفض جر الكارته فقام القمص فلتاؤس السريانى بجر الكارته وأحضر الماء إلى

للدير من هذا البعد و يدل هذا الموقف على محبته الكبيرة للرب وأنه مستعد لأن يصنع أى شىْ من أجل هذه المحبه وقد صنعها باتضاع شديد ، ولم يعد إلى الدير إلا بعد أن أصابه عدو الخير فى كتفه وتسبب فى شلل فى

ذراعه الأيمن بالكامل، فذهب لقداسه البابا كيرلس السادس فى ذلك الوقت وصلى له وضرب بصليبه على ذراعه 3 مرات فشفى تماما ، وفى تلك اللحظه اشتاق الى الرجوع الى ديره وقلايته فسمح له قداسه البابا بالعوده الى الدير .

و المرة الثانية التى خرج فيها أبونا فلتاؤس السريانى من الدير ، عندما خرج ليخدم بالعزباويه وكان هذا فى 1970/9/9 وأتم خدمته هناك على أكمل وجه ثم عاد لديره يوم 1975/4/26 م أى ما يقرب من خمس سنوات فى هذه المره قضاها خارج اسوار الدير.

وبعد أن عاد إلى ديره واصل جهاده الروحى بصوره شاقة ، وازدادت معه قامته الروحيه قامه بعد قامه .

الاسكيم المقدس :

أراد قداسة البابا شنودة الثالث أن يعيد طقس إلباس الإسكيم، حيث قام قداسته بإلباسه لبعض رؤساء الأديرة ولبعض الرهبان الذين قضوا أعواما طويلة فى الرهبنة ، وكان أبونا فلتاؤس السرياني أول راهب يقوم قداسه البابا بإلباسه الإسكيم وكان هذا يوم السبت الموافق 2003/3/29 ، بعد ان قضى فى رهبنته 55 عاما .

-فضائل أبونا فلتاؤس:

تزينت حياة القمص فلتاؤس السريانى بالعديد من الفضائل التى تحلى بها منها، المحبة لربنا يسوع المسيح ولمن حوله ، كذلك الاتضاع ، فلم يكن اتضاعه ظاهريا بل كان نابعا من داخله وانعكس هذا على تصرفاته مع الآخرين وكل من تعامل معه لمس اتضاعه الحقيقى ، كذلك التسامح فكان يسامح كل من يخطىْ إليه فهو كان سريع التسامح لكل من يسىْ إليه ، وقيل أنه لايدخل قلايته إلا وهو قد نسى كل خصومة أو إساءة.

و فى تسامحه كان يتحمل الإهانة، وأيضا التجرد فكان لا يحب المقتنيات الأرضية وظهرت هذه الفضيلة منذ صباه ، فكان يفضل أن يوزع ما يمتلكه على من حوله ولا يفضل الاحتفاظ بأي شىْ حتى قلايته

طغى عليها طابع البساطة فلا تحتوى على أي أثاث أو مقتنيات ، بالإضافة إلى النسك فكان ناسكا فى ملبسه ومأكله وقيل أنه كان يذهب إلى طافوس الدير ليأخذ الجلاليب القديمة وقطع قماش من عند

الآباء الراقدين ليرقع بها ردائه، أما عن طعامه فلم يكن يأكل إلا اليسير منها وصومه كما ذكرنا من قبل ،فضلا عن فضيلة الصمت ، فمنذ أن لبس الزي الرهبانى ودرب نفسه بأن يضع زلطه فى فمه ولا

يخرجها إلا فى وقت الصلاة ووقت الطعام حتى يدرب نفسه على الصمت فاقتنى هذه الفضيلة طوال حياته الرهبانية، وفضائل أخرى مثل السلام والفرح الجديه والالتزام البساطه والعفة والطهاره ونقاوه القلب .

-علاقته بالسمائيين والآباء السواح :

كان القمص فلتاؤس السريانى له علاقة خاصة بالقديسين فكانت علاقته بهم طوال حياته يظهرون له ويعضدوا جهاده ويرفعون عنه أتعابه

وكانت علاقة من نوع فريد ومن هؤلاء القديسين الذين تعامل معهم وتعاملوا معه إما بالظهور أو بالشفاء، أمنا القديسة العذراء مريم والدة الإله ، القديسين العظيمين مكسيموس ودوماديوس ، الشهديد أبانوب النهيسى ، القديس زيوس،

القديس شوره ، الشهيد العظيم مارمينا العجايبى، شفيعه وحبيبه قداسه البابا كيرلس السادس ، ويضاف إلى هذا الملائكة الذين كانوا يظهروا له على المذبح، وأيضا كان الآباء السواح يزوروه فى قلايته ويعطونه صلوات وبركات كثيرة .

وصل أبونا فلتاؤس السريانى إلى قامة عالية من الروحانية وتخطاها الى درجه السياحة، وتناقلت الأخبار عنه أنه كان ينادى تلاميذه بالروح ، وشهود كثيرون شهدوا له فى قداسته

وطهارته ولم يكن من نوعية البشر الذين يولدوا وينتقلوا عن عالمنا دون أن يتركوا بصمات فى حياتهم يلمسها الناس ويتعلموا منها ، وأنعم الرب عليه بالعديد من المواهب منها ،

الشفافية الروحية فكان يعرف بأشياء كثيرة لم تحدث أمامه أو حدثت فى الخفاء ، كذلك سياحته الروحيه وانتقاله بالروح، ومعجزات الشفاء وإخراج الشياطين التى أجراها الرب على يديه .

انتقاله عن عالمنا :

قبل انتقاله بحوالى ثلاثة أعوام بدأت حالته الصحية تتدهور فظهرت مشكلات فى القلب ووظائف الكلى وجلطة فى المخ واحتباس فى البول وورم فى البروستاتا وجلطة فى القدم اليمنى والتهاب فيروسي بمنطقه

الصدر وكان يعاني من ارتفاع فى ضغط الدم والسكر ، كل هذه الآلام تحملها القمص فلتاؤس السريانى قبل أن ينتقل عن عالمنا وفى فجر يوم الأربعاء الموافق 2010/3/17 فى حوالى الساعه الثالثه والنصف ، انطلقت

روحه الطاهرة ليسكن فى أحضان آبائنا إبراهيم واسحاق ويعقوب فى صحبة الآباء القديسين أحبائه والذى كان يخاطبهم ويخاطبوه، وكل من يطلب صلاته وشفاعته يستجيب له .. وكثيرون اتى لهم بعد نياحته وشفى أمراض كثيرين.

وطنى
17 مارس 2023 |