القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

القدّيس يوحنّا المعمدان الخادم الواعي

بقلم القمص يوحنا نصيف

من خلال أربع عِبارات عميقة قالها هذا القديس الجليل، وسجّلها لنا الرسول يوحنا الحبيب في إنجيله (يو3)، يمكننا أن نعرف بعض أسرار قوّة خدمة يوحنّا المعمدان..

القدّيس يوحنّا المعمدان الخادم الواعي

1- "لا يقدر إنسان أن يأخُذ شيئًا إن لم يكُن قد أُعطِيَ من السماء" (يو3: 27)

هذا مبدأ هام جدًّا في الحياة وفي الخدمة.. فالله هو الذي يعطي، وهو الذي يأخُذ.. هو ضابط الكلّ، وهو أيضًا ينبوع كل خير وبركة ومجد..

لذلك لا يجب على الإنسان المسيحي أن ينتظر شيئًا من الناس، بل فقط ينتظر من الرب..

ولا يشتهي مجدًا من الناس، بل يطلب فقط المجد من الله..

وعندما يترجّى ويلتمس شيئًا فإنّه ينظر إلى السماء وليس إلى الأرض..

هو يجتهد ويقوم بمسئوليّاته بكل أمانة، ولكنّه يفهم أنّ الله هو الذي يعطي النجاح، ويوزِّع المواهب، ويمنح البركة..

2- "مَن له العروس فهو العريس، وأمّا صديق العريس الذي يقف ويسمعه، فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس.." (يو3: 29)..

هذا يعني أنّ الخادم الأمين لا يسمح أبدًا أن يلتفّ الناس حوله دون أن يوصِّلهم للمسيح..

فالرب يسوع هو العريس الحبيب، مُشتهَى كلّ نفس بشريّة، والخادم هو صديق العريس الذي يقوم بتوصيل الناس لعريسها الإلهي..

هو يجمع الناس حول المسيح وليس حول نفسه.. لا يصحّ أبدًا أن يكون هو المركز في الخدمة، فالمركز هو العريس المسيح، أمّا هو فله مكانة خاصّة لدى العريس..

هو صديق العريس الذي يمتلئ قلبه دائمًا بالفرح، إذ أنّه يتمتّع باستمرار بصوت العريس.. يتمتّع كل يوم بكلام الإنجيل ويبتهج به..

ويفرح أيضًا بوصول كل نفس إلى أحضان العريس لتنال نصيبها من محبّته ونعمته..!

3- "ينبغي أنّ ذلك يزيد، وأنّي أنا أنقص" (يو3: 30)..

هنا تظهر قمّة الوعي برسالة الخدمة؛ أن يختفي الخادم تدريجيًّا من حياة الناس، لينمو المسيح تدريجيًّا في حياتهم..

هذا أيضًا ينطبق على الحياة الشخصيّة لكلّ إنسان، فكلّما ينكر الإنسان ذاته كلّما ينمو العمل الإلهي في قلبه، وكلّما يبتعد الإنسان عن أضواء الشُّهرة وأمجاد العالم، كلّما يشرق المسيح بلمعان واضح في حياته، وتفوح منه رغمًا عنه رائحة المسيح الذكيّة..

أمّا الذي يرفض أن ينكر ذاته، ويريد أن يزيد، فيكون هذا بكلّ تأكيد على حساب عمل النعمة ونموّها في حياته، فتزداد حياته ظلامًا، لأنّ المسيح ينقص في حياته..!!

4- "ليس بكيلٍ يعطي الله الروح" (يو3: 34)..

هذه الحقيقة الجميلة التي أعلنها لنا القديس يوحنّا تكشف عن سخاء الله، وفيض عطائه، لكلّ مَن ينفتح بكلّ قلبه على محبّة الله وعمل نعمته..

فالله غنيّ جِدًّا ويريد أيضًا أن يكون أولاده أغنياء في النعمة، أغنياء في المحبّة، أغنياء في السلام، أغنياء في البِرّ والأعمال الصالحة (1تي6: 18)..

هو مستعدّ أن يعطي بكلّ سخاء وبلا حساب، لكلّ مَن يطلب باتّضاع، ويجاهِد بإيمان ومثابرة، فينمو ذلك الإنسان في النعمة والقامة الروحيّة إلى مالانهاية..

هنا نفهم أنّه كلّما يكرِّس الإنسان وقتًا للصلاة والميطانيات، للقدّاسات والتسبيح، للتلمذة والقراءة الروحيّة، للخدمة وأعمال الرحمة.. كلّما ينسكب الروح في قلبه، ويثمر في حياته، فيصير غنيًّا جِدًّا حتّى يفيض على آخرين أيضًا..!

بركة القديس العظيم يوحنّا المعمدان، الملاك المنير، والخادم الواعي، تكون معنا، آمين.

القمص يوحنا نصيف

القمص يوحنا نصيف - الأقباط متحدون
30 يناير 2023 |