اختطاف يهز بريطانيا رأسًا على عقب.. ضابط متعجرف من العائلة البريطانية، يركب سيارته الجيب، يطارد مواطن مصري يقود دراجته، يسبب الأذى لكل مصري يقابله، أشهر عملية فدائية، كرهه للمصريين جعله صيد ثمين، يتسم بالغرور والتكبر.. الطفل المدلل ابن عمة ملكة بريطانيا، الملكة اليزابيث الراحلة عن عالمنا هذا العام.

قصة بطولية يتناقلها أهالي بورسعيد و يتغنوا بها على ألحان السمسمية، يرويها الأجداد للأحفاد في ذكرى جلاء العدوان الثلاثي كل عام.
اشتهر الضابط البريطاني أنطوني مورهاوس، بكرهه الشديد للمصريين، فقرر رجال المقاومة الشعبية خطفه كأسير بريطاني لإطلاق سراح من تم أسره من الفدائيين المصريين، وهو من مواليد 18/12/ 1935، اشتهر ببطشه الشديد ضد المصريين، اعتبره رجال المقاومة الشعبية صيد ثمين لإرساله للقاهرة كأسير بريطاني لمبادلته، بمن تم أسره من الفدائيين المصريين.



قبل يوم الاختطاف تم اعتقال 7 من ضباط الصاعقة المصريين في عيادة الدكتور حسن جودة أمس يوم الاختطاف، وهم: الملازمون أحمد عبدالله إسماعيل ـ أحمد الطاهر سعد ـ محمد مازن مشرف ـ كامل عزت الأسمر ـ حمدي شلبي ـ حسين
مختار ـ محمود عادل أحمد .. وتم نقلهم لقبرص لاستجوابهم، وكان هذا الاعتقال بناء على تحريات الميجور جون وليامز ضابط المخابرات البريطاني. كما تم تنفيذ الاعتقال بواسطة الملازم أنتوني مورهاوس،والذي تم خطفه بعد ذلك.
فأصدرت قيادة المقاومة الشعبية تعليمات بخطف بعض الضباط البريطانيين للمبادلة بهم بالضباط المصريين. وفي اليوم التالي، قامت مجموعة من المقاومة باختطاف الضابط البريطاني أنطوني مورهاوس، والذي كان يقرب لملكة إنجلترا.
وعن أسماء مجموعة الفدائيين الذين قاموا بهذه المهمة، هم: محمد عبدالرحمن حمد الله ـ طاهر مسعد ـ حسن عثمان ـ أحمد هلال ــ محمد إبراهيم سليمان ـ على زنجير ـ يوسف إبراهيم يوسف ـ ملازم شرطة متطوع عز الدين الأمير.
وعن تفاصيل عملية الاختطاف، روى الأستاذ محمد الشافعي في كتابه شموس في سماء الوطن أبطال المقاومة الشعبية في مدن القناة الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، عن رواية أبي البطل.


يروي محمد عبد الرحمن حمدالله البطل:
“إنه في يوم 11 ديسمبر 1956، كنا نمر في الشوارع بالسيارة (57 قنال)، التي أتينا بها عن طريق اليوزباشي عز الدين الأمير كما أعطانا البنزين، وأعطانا الضابط سامي خضير بدلتي شرطة، وقام خالي حسين
عثمان بدور بائع العاديات لاستدراج أي ضابط إنجليزي، وفجأة تغيرت الخطة، فعندما كنا نمر أمام مورهاوس ومجموعته وجدناه ينطلق بسيارته الجيب خلف طفل يركب دراجة فأسرعنا خلفه، وكان الإنجليز
قد منعوا ركوب الدراجات بعد أن استخدمها الفدائيون في رمي القنابل على قوات الاحتلال، وارتبك الطفل فوقع من على دراجته فنزل إليه مورهاوس ولحقنا به، وتجمع حولنا عدد كبير من الناس رغم أن
الساعة كانت السابعة إلا ربع صباحًا، وتكلمت معه على أننا من الشرطة المصرية، وتعهدت له بأننا سنأتي له بالطفل فاقتنع واستدار ليركب السيارة ولكن وجهه كان مازال في وجهي يكلمني وبغرور أو
ثقة قذف الطبنجة الخاصة به في تابلوه السيارة، فخطفها أحمد هلال وهي مازالت في الهواء، فوجدت الضابط أمامي أعزل فقمت على الفور بلي ذراعه الأيسر في حركة يسمونها بالصاعقة (قيادة الأسير)
ووضعت اصبعي في ظهره وكأنها مسدس فانهار تمامًا، وقدناه إلى السيارة ودفعناه بقوة، والطريف أنه لم يكن معنا أي سلاح إلا بعض عصي الشرطة وخنجر في قاع السيارة وملاءة سرير، وذلك لأننا معرضين للتفتيش.
وحاول مورهاوس ضرب السائق علي زنجير فعاجله علي بلكمة شديدة، أسقطته على أرض السيارة، وسرنا بسرعة وكان باب السيارة مفتوحا فانغلق مصادفة مما خدمنا كثيرا، وهتف الناس الله أكبر الله أكبر،
وذهبنا إلى بلوكات النظام حيث اعتدنا قبل ذلك خطف المصريين الذين يتعاونون مع الإنجليز والذهاب بهم إلى هناك لمحاكمتهم، وأخذنا مورهاوس وجردناه من متعلقاته الشخصية (الكارنيه- نوتة مذكرات)،
وحاول الهرب فوضعنا منديلًا على فمه وربطناه حول وجهه ووضعنا الكلابشات في يديه ورجليه ووضعناه في جوالين، ثم في صندوق ثم وضعناه في سيارة تابعة لفرق الأمن، بعد أن ذهب علي زنجير لكي يتخلص من
السيارة التي استخدمناها في العملية، ولم تتحرك سيارة الأمن ووجدنا سيارة أخرى تابعة لعمليات خدمة المياه، وهي سيارة مسموح لها بالمرور فوضعنا الضابط بها، وخرج معنا العريف أحمد الطرابيلي من فرق الأمن .
وذهبنا إلى بيت في شارع أحمد عرابي حيث مقر تجمعنا، ووضعنا مورهاوس في الدور الأرضي ووضعنا عليه(لحاف قديم)، ولسوء حظه فقد وضع الصندوق مقلوبًا، وبعد أن علم الإنجليز بعملية الخطف ثاروا وبدأوا نشاطًا
موسعًا، للبحث عن الضابط المخطوف، وعلى مسافة قريبة من البيت الذي أخفيناه فيه وجدوا السيارة التي استعملناها، فبدأوا في عمل حصار من شارع كسرى حتى طرح البحر ومن شارع الأمين حتى شارع محمد علي، وهو
مستطيل كبير جدًا ووضعوا الأسلاك الشائكة وحاصروا المنطقة ثلاث أيام، خلال هذه الفترة مات مورهاوس في صندوقه أي أن الإنجليز هم الذين قتلوه، حيث كانوا يفتشون المنازل بيتًا بيتًا، والعجيب أن البيت
الذي أخفيناه فيه كان داخل منطقة الحصار، ولكننا أثناء الحصار أخذنا سيارة إسعاف وبها (نقالة) وعليها أجولة الاسمنت وحفرنا تحت السلم وفتحنا الصندوق، فأحدث (فرقعة) ووجدنا الضابط قد مات، فأخذناه ودفناه تحت السلم.
وكان التفتيش على قدم وساق حيث تدخل مجموعة للتفتيش بينما تحميها مجموعة أخرى، ويتم التبادل بينهما وكانوا يكتبون على كل بيت كلمة (كلير) بالإنجليزية يعني نظيف، وكان يسير معهم ضابط مصري اسمه محمد المر
فأخبرناه بوجود أشياء مهمة في هذا البيت، حيث كان به أيضا جهاز لاسلكي خاص بشرطة النجدة وزنه كبير، وبه أيضًا بعض الأسلحة والذخيرة، إضافة إلى ( المصيبة الكبرى)، وقد استطاع محمد المر أن يغافل قوة
التفتيش ويكتب علي البيت (كلير)، فلم يدخلوه وفشلت عملية التفتيش، فقاموا بالقبض على عدد كبير من المواطنين وجمعوهم في ملعب النادي المصري، ومارسوا معهم كل أنواع العذاب والإرهاب النفسي، فكانوا مثلا
يعطوا الرجل ملعقة شاي صغيرة و يأمروه بحفر قبر ليدفنوه فيه، أو يحفر حفرة ويضعوا فيها بعض الرجال ثم يسلطوا عليهم أضواء السيارات الجيب ثم تسير هذه السيارات بسرعة كبيرة ثم تتوقف فجأة قبل أن تدهم الواقفين في الحفر.
كما علقوا العديد من المشانق وفتحوا خراطيم المياه الباردة على العرايا من الناس، ورغم كل هذا التعذيب لم يصلوا إلى شيء.
فلجأو إلى أسلوب المنشورات التي تقول يا شعب بورسعيد الكريم عاملوا الأسير معاملة طيبة حسب الاتفاقيات الدولية، وبعد أيام بدأ الإنجليز الانسحاب من حي المناخ والعرب إلى حي الأفرنج، وكان انسحابهم تحت ضغط العمليات الفدائية، فبعد خطف مورهاوس قام الأخ سيد عسران بقتل وليامز ضابط المخابرات يوم 14 ديسمبر، وهذا الضابط هو الذي كان يقود عمليات البحث عن الضابط المخطوف .
وتابع قائلًا: قد أدت عمليتنا بخطف موهاوس إلى إنهاء عملية حجز ضباط الصاعقة في عيادة الدكتور حسن جودة، ليقوموا بعد ذلك بالعديد من العمليات الكبيرة، وأهمها ضرب الدبابات الإنجليزية يوم 15 ديسمبر، ثم الهجوم العام في
بورسعيد 16 ديسمبر، وفي هذه الأيام أصبح كل من يحمل سلاحًا يضرب في الإنجليز ، فاضطروا إلى الانسحاب إلى حي الافرنج، كما ارتفعت معنويات الناس بعد عمليتي مورهاوس وويليامز، وقام الإنجليز قبل انسحابهم بتسليم الأسرى
المصريين وحتى الأسرى الذين أرسلوا إلى قبرص إعادتهم إلى مصر، وبعد الانسحاب بدأت قوات الطوارئ الدولية القيام بعملها، وبدأت قواتنا دخول المدينة، واخبروا الخدمات الطبية بمكان جثة الضابط فأخرجوه وأخذوه إلى المستشفى الأميري.
وكان بالجمرك صندوق لصحفي أجنبي ميت فأخذناه ووضعنا فيه بقايا جثة مورهاوس بعد تطهيرها بالفورمالين، ثم دفناه عند مقابر الكومنولث في الثالثة صباحًا، وظل في هذه المنطقة حتى تمت المفاوضات والاتصالات مع الرئيس الراحل عبد الناصر عن طريق أكثر من وسيط.
فطلب عبد الناصر تسليم الجثة، إلى البوليس الدولي وذهبوا بها الي مطار أبو صير ، وجاء طبيب أسنان إنجليزي كان يعالج مورهاوس، حيث كان الفك العلوي له بارزا وعن طريق هذا الفك تعرف عليه الطبيب، ثم
حملوا الجثة إلى قاعدة نابولي، وعرفنا بعد ذلك أنهم في إنجلترا حاكموا مورهاوس رغم موته لأنه ترك وحدته بدون أوامر، وأذكر مجلة اسمها ( المقاومة الشعبية) كان يصدرها في بورسعيد صاحب مطبعة اسمه
حسنين مخلوف كتبت عددها الأخير (هدية مصر لبريطانيا في عيد الميلاد الطفل المدلل مورهاوس)، وتم وضع المجلة في الصندوق الذي به الجثة، وقد ذكرني بما كتبوه على الجدران في النيفي هاوس سيعودون في عيد الميلاد.
علي زنجير سائق تاكسى نفذ أخطر عمليات الفدائيين ببورسعيد، سائق التاكسي “57 قنال” خطف ابن عمة ملكة إنجلترا.
على زنجير ـ سائق السيارة التاكسى ” 57 قنال ” عام 1956 ، والتى استخدمت فى أشهر عملية فدائية وهى خطف الضابط الإنجليزي – أنتوني مورهاوس – ابن عم ملكة إنجلترا .
وقال “زنجير” رحمة الله عليه، فى حديث له، أن شعب الباسلة كان يقاوم الاحتلال، ولم يكن في عقولنا إلا خروج المحتل من أراضينا وكان الحب يسود البلد والتفاني في حبها أسمى أمانينا”.
وأضاف أن كثير من الصيادين من منطقة القابوطي، قاموا بعمليات فدائية كثيرة في بحيرة المنزلة، وبعض الفتيات المناضلات كن يوزعن المنشورات التي كانت تطبعها مطبعة مخلوف.
سطر التاريخ بطولات المقاومة الشعبية على أرض بورسعيد، وألقى الضوء على أبطالها، حتى خرج المحتل الغاشم من الباسلة فى 23 ديسمبر 1956 واعتبر هذا اليوم عيدًا قوميًا لبورسعيد ونحتفل بالذكرى 66 لهذا النصر.