القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

مجلس «الأفندية» الأقباط 1872 (3) .. بقلم سمير مرقص

بقلم سمير مرقص

(1)

الوطنية البازغة والأفندية الصاعدون

يمكن القول إن مجلس شورى النواب (1866) كان نقطة تحول فى تاريخ مصر. فكل الأشكال المؤسسية التى عرفتها مصر ـ تاريخيا ـ للتشاور والتداول السياسى تأسست فى إطار الحكام. هكذا كان البولا وهو برلمان الإسكندرية فى

مجلس «الأفندية» الأقباط 1872 (3) .. بقلم سمير مرقص

العصر اليونانى الرومانى. مرورا بالهيئات التى كانت تشكل فى إطار قصور الحكم بمعزل عن المحكومين فى العصور الوسطى. ونهاية بما أنشأه نابليون بونابرت فى سنة 1798 باسم الديوان العمومى أو الديوان العام، عشية

انطلاق محمد على بمصر فى مسار مستقل عن الباب العالى العثمانى. صحيح أن محمد على قد أسس مجلس المشورة. لكنه كان مجلسا استشاريا غير ملزم للسلطة التنفيذية. إلا أن إدماج المصريين كعناصر فاعلة فى الدولة الحديثة

عبر تملك الأرض الزراعية فالاستثمار التجارى فالصناعى فى المدينة لاحقا؛أدى إلى أن أُعيد تشكيل التركيبة الاجتماعية فى مصر نتيجة للمتغيرات الاقتصادية التى بدأها محمد على ثم استمرت قُدما بامتداد القرن،

حسب يونان لبيب رزق، ويمكن رصد ما يلى: إعادة هيكلة البنية الزراعية المصرية وربطها بالنظام الرأسمالى السائد عالميا عبر رأسمالية محلية بازغة فى المدينة... ويستطرد رزق: كان محتما أن تنعكس كل هذه التغييرات

على الهياكل الاجتماعية القائمة فتنشأ طبقات اجتماعية جديدة لم تكن قائمة وتختفى قوى اجتماعية قديمة على رأسها الطوائف: حرفية كانت أو عرقية أو دينية... وبالنتيجة خرج ملاك الأرض فى الريف ومنهم من انتخب فى

مجلس شورى النواب وبدأت مصر مرحلة جديدة: وطنية؛ للمشاركة فى الحياة السياسية. ومنهم من بات لديه منزل فى المدينة ومنهم من استقر بها ــ حسب يونان لبيب رزق ــ مثل: محمد سلطان، ومحمود سليمان، وفخرى عبد

النور،...، إلخ. وواكب ذلك تشكل طبقة الأفندية من أبناء ملاك الأرض والتجاريين والرأسماليين البازغين وموظفى الإدارة العليا الذين حظوا بالعلم والمال... ومن هؤلاء تشكل مجلس الأفندية الأقباط فى إرهاصاته

الأولى ــ من 1872 إلى نهاية 1873، كما أشرنا فى ختام الحلقة الثانية الأسبوع الماضى، حيث انتخبت مجموعة من الأفندية؛ توفرت فيها شروط اللياقة والذمة للمشاركة فى الأعمال الإدارية للكنيسة أو بلغة أخرى الشؤون المدنية لأعضاء الكنيسة.

(2)

مجلس الأقباط العمومى

ومع مطلع 1874 اجتمعت مجموعة من الأقباط هم: يعقوب بك نخلة رفيلة، وبرسوم بك جريس رفيلة، وجندى بك يوسف القصبجى، وعزوز أفندى منقريوس البياضى، وميخائيل أفندى الحبشى، تطالب بمأسسة مجالات العمل

المدنى التى يقومون بها. وفى 16 يناير 1874 اجتمع الأنبا مرقس القائم مقام البابوى ــ آنذاك ــ مع المجموعة المذكورة، وتم إعداد لائحة خاصة لتنظيم عمل مجلس الأفندية الأقباط، وحدود اختصاصه وذلك

فى واحد وعشرين بندا. وقد عدد البند الأول من اللائحة مجالات العمل فى الآتى: إدارة الأوقاف والمدارس، والمطبعة (النشر)، وسياسة أحوال الفقراء، وفض مشاكل أبناء الأمة. تشكل المجلس من أربعة

وعشرين عضوا. ونظرًا لضيق المساحة نذكر أسماء بعض من هؤلاء الأعضاء: دميان بك جاد، باسيلى أفندى تادرس، أسعد أفندى بدوى، مقار أفندى عبد الشهيد، الخواجة بسادة عبيد، وبطرس أفندى غالى. وقد انتخب

الأخير وكيلا للمجلس. وتشكلت ثلاث لجان نوعية كما يلى: لجنة الأوقاف، ولجنة المدرسة والمطبعة والكنائس، ولجنة الأخوة الفقراء. ومارس الأفندية مهام عملهم حتى تم اختيار البابا كيرلس الخامس

بابا للكنيسة فى نهاية 1875. استمر عمل مجلس الأفندية الأقباط حتى سنة 1883 حيث أعدت لائحة جديدة (أربعة أبواب و38 مادة) وتم انتخاب مجلس جديد أطلق عليه فى ضوء عنوان اللائحة ومادتها الأولى: مجلس الأقباط العمومى.

(3)

وبعد..

تعدلت اللائحة أكثر من مرة فى أعوام: 1905، و1912، و1927، و1938،... وقد تتبعنا تشكيلاته المتعاقبة فى دراسة مبكرة لنا صدرت عام 1984، ونقوم بتحديثها الآن فى كتاب قيد الإعداد: الأقباط والمسلمون من سلطة الغلبة إلى دولة المواطنة... ونشير باختصار إلى تأثر

المجلس وفاعليته وأفنديته بالسياق المجتمعى: الاقتصادى والسياسى من حيث الحضور والغياب ــ أو بالأحرى التجميد ــ كذلك تغيرت طبيعة الأفندية مع مرور الوقت، فلم يعد أفندية الزمن البرلمانى هم أفندية دولة يوليو الذين حل محلهم أفندية يوليو المضادة.

سمير مرقص - المصرى اليوم
30 نوفمبر 2022 |