أوصى أنا (-)، مصرى الجنسية، بالتبرع، بعد وفاتى، بأعضاء جسدى وأنسجته وأى جزء منها يمكن زراعته مستقبلًا وفقًا للتقدم العلمى للمحافظة على حياة شخص (مصرى الجنسية) أو علاجه من مرض جسيم أو استكمال نقص حيوى فى جسده.
وتم تحرير هذا (-) بإرادة حرة مستنيرة لا يشوبها غلط أو تدليس، وأقر بأنه لا يجوز من ورثتى الحصول على أى منفعة أو المطالبة بأى مقابل مادى أو عينى جراء تنفيذ هذه الوصية.
أعلاه أول نموذج (صك) للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، أصدرته وزارة الصحة رسميًّا، وبموجبه يمكن توثيق الرغبة الطوعية فى التبرع، وتسليم المتبرع (كارنيه التبرع) سارى العمل فى أى مستشفى.
الوزارة أنجزت فروضها الإدارية، والأزهر الشريف والكنيسة المصرية أبديا موافقة (نهائية) على أن التبرع من المتوفى إلى الحى من الأمور الجائزة شرعًا، وهو ما أوضحته دار الإفتاء بجائز شرعًا لأنه من الوسائل الطبية التى ثبت جدواها فى العلاج والدواء والشفاء؛ بل مستحب وواجب فى بعض الأحيان وفقًا للدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق.
تبقى دور النخبة النابهة لإحداث حالة تبرع تسرى كالتيار الموجب فى جسد المجتمع، الذى لا يزال (سلبيًّا) على حاله رافضًا الفكرة، بفعل فاعل رسخ فى الوعى الجمعى على مدار عقود سبقت حرمة التبرع بالأعضاء من المتوفين إلى الأحياء.
دور النخبة مستوجب فى الإقبال على التبرع فرادى وجماعات، وإعلان هذا التبرع فى الفضاء الإعلامى والصحفى والإلكترونى لإحداث الحالة، والتطبيع مع المصطلح، وحرث الأرض من تحت الأقدام المترددة تبرعًا.
فيما ندر من أصحاب الريادة متحلين بالشجاعة الأدبية، والحس الإنسانى الراقى، يُعدون على أصابع اليد الواحدة، النخبة لا تزال غير متحمسة للفكرة، ولم تمدها بصكوك التبرع، ورغم أنها فكرة من بنات أفكار نخبويين، وعمل عليها نخبويون، فإنها لا تزال مُعلَّقة فى سماء النخبة، غريبة لم تتجسد مجتمعيًّا بعد.
أتخيل وزير الصحة، الدكتور خالد عبدالغفار، يصطحب رموز المجتمع جماعة إلى مركز التبرع لتوقيع صكوك التبرع، فى مشهد وطنى راقٍ يجسد فكرة التبرع بالأعضاء فى الحالة الوطنية.
وأتخيل طابورًا من الأطباء يتهيأون لتوقيع صكوك التبرع فى دار الحكمة، باعتبارهم حافظين لكتاب التبرع، ومهمومين بالتبرع تلبية لطوابير الانتظار الطويلة فى مراكز نقل الأعضاء!!.
إذا لم ينفر الأطباء فرادى وجماعات إلى توقيع صك التبرع بالأعضاء، فمَن ذا الذى سينفر لاحقًا؟!.
أحلم بصك تبرع مُوقَّع من نقيب الأطباء، الدكتور حسين خيرى، وتخيلت أنه سينفر ونخبة من رموز المجتمع الطبى، (العلّامة الدكتور مجدى يعقوب، والمُقدَّر الدكتور محمد أبوالغار، والعالِم الدكتور أحمد عكاشة.. والمحترم الدكتور صلاح
الغزالى حرب، ووو..) ممن تضيق المساحة عن ذكرهم، ينفرون جماعة إلى لقاء الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، ليحصلوا من فضيلته على (صك تبرع)، وفعلها سلفه طيب الذكر، الإمام الدكتور طنطاوى، رحمة الله عليه، ورحل وفى جيبه صك تبرع رقم (1).
ومثله يحصل النقيب والمُقدَّرون على (صك تبرع) من البابا تواضروس الثانى، بطريرك الكنيسة المصرية، ليضرب قداسته المثال لعموم الشعب المسيحى فى قلب الشعب المصرى حفزًا على التبرع بالأعضاء، وهكذا من أعلى تنساب التبرعات كزخّات المطر تروى الأرض العطشى لإحداث الحالة المطلوبة لتفعيل الفريضة الإنسانية الغائبة!.