ترتدى زياً مميزاً يلفت الأنظار إليها، ونظارة بيضاء تتوسط وجهها الباسم، وتحمل في يديها ورقة وقلمًا وآلة حاسبة، للوهلة الأولى لا تصدق أنها بائعة كبدة، تقف على عربتها تجهز الطلبات للزبائن بخفة وابتسامة، تتحدى الظروف التي حرمتها من إيجاد فرصة عمل بشهادتها الجامعية التي حصلت عليها من كلية التجارة، إذ قررت منال غريب النزول للشارع بحثًا عن الكسب الحلال للإنفاق على والدتها.
تخرجت الفتاة الثلاثينية في كلية التجارة الخارجية بجامعة حلوان، ولم تتمكن من الحصول على فرصة عمل مناسبة، فعزمت على البحث بنفسها عن مصدر رزق يوفر لها حياة كريمة بعد أن أُغلقت أبواب المكاتب في وجهها، فلم تجد أمامها سوى الشارع الذى احتضن حماسها وطموحها بإيجاد محل صغير لبيع ساندوتشات الكبدة.
منالخريجة تجارة في محل كبدة
كنت بدوّر على شغل وعمري ما قلت أنا خريجة تجارة ولازم أشتغل بشهادتي، لا.. بجتهد والحمد لله ربنا كَرمني بحسب منال، التي حولت المحل الصغير إلى مطبخ مصري ونظمت من حوله قعدة تشبه المقهى البلدي: عملت لنفسي
يونيفورم بيميزني بالنضارة وطاقية الشيفات، وبروح آخد طلبات الزباين بنفسي وبجهزها، تتفنن في إعداد أطباق الكبدة وجعلت منها خمسة أصناف لجذب الزبائن إليها وزينت عربتها لتشجيع المارة على الأكل من عندها.
أصناف المأكولات التي تبيعها منال
بعمل كبدة بالردة وسجق وكفتة بانيه ودجاج بانيه وبطاطس محمرة، وكله بأسعار رخيصة جداً لأن معظم زبايني من الطلبة، مشيرة إلى أنها عُرفت بين الناس باسم ماما دهب وأصبح مع الوقت اسم شهرتها، خاصة بين الطلاب الذين وجدوا منها الاهتمام والمعاملة الحسنة.
لم تقتصر علاقة منال بالزبائن على بيع الساندوتشات فقط، بل تحولت مع مرور الوقت إلى أم وأبنائها، فبعد رحيل والدتها لم تُقبل على الزواج وسخّرت وقتها لمشروعها: الموضوع مش إني ببيع ساندوتشات وخلاص، الطلبة بتيجي من آخر الدنيا لو عندهم مشكلة بيحكولي وأنا بنصحهم بالراحة وبهدوء، وهما اللي أطلقوا عليّا لقب ماما دهب، لأن هم عيالي اللي أنا طلعت بيهم.
