القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

الكتاب المقدس باللهجات الخليجية.. مشروع دراسي يثير الفضول

تداول بعض المغردين على تويتر قبل مدّة، إعلاناً وظيفياً يبحث عن مختصين، لترجمة الكتاب المقدس إلى بعض اللهجات الخليجية، ومنها الحجازية والنجدية.

الكتاب المقدس باللهجات الخليجية.. مشروع دراسي يثير الفضول

أول ما قد يتبادر إلى الذهن عند قراءة إعلان كهذا: من يفكر بترجمة الكتاب المقدس إلى لهجات خليجية وهو منشور بترجمات رسمية بالفصحى، تقرّها الكنائس في المنطقة العربية، ومتاحة للجميع؟

ومن الذي فكّر بتوظيف مترجمين لإعادة ترجمة الأناجيل الآن، مع العلم أن عملية ترجمتها من اليونانية القديمة والآرامية تستغرق سنوات وتتطلب جهداً هائلاً من علماء لاهوت ولغويين؟ ومن الجمهور المستهدف بهذه الترجمة إن كانت أعداد المسيحيين في دول الخليج العربية قليلة جداً في الأساس؟

قبل القفز إلى استنتاجات، بحثنا على الإنترنت عمن يقف خلف الفكرة، فتبيّن لنا أنّها جزء من الذراع العربي لمشروع إنتاج محتوى أمريكي شهير، اسمه "مشروع الكتاب المقدس".

ما هو هذا المشروع؟ وما الهدف منه؟

تكفي نظرة سريعة على موقع "مشروع الكتاب المقدس" The Bible Project، لضبط التوقعات المضخّمة أو المتسرعة.

وبحسب تعريف المشروع فهو "استوديو لا يسعى لتحقيق الربح، متخصص في إنتاج الرسوم المتحركة، يتولى إنتاج مقاطع فيديو قصيرة تعتمد بالكامل على الرسوم المتحركة، وتهدف إلى تقديم قصة الكتاب المقدس كي تكون في متناول الجميع وفي كل مكان".

إلى جانب الفيديوهات المتحركة، ينتج المشروع حلقات بودكاست، وبرامج دراسية مجانية للراغبين بالاطلاع على الكتاب المقدس كعمل أدبي، وفهم مراحل كتابته، وأبرز المواضيع والشخصيات الواردة فيه.

انطلق المشروع عام 2014 على يد تيم ماكي وجون كولينز، المختصَين بدراسات الكتاب المقدس، والمهتمَين بتاريخ النصوص الدينية القديمة، ولديهما شغف في السرد، ومساعدة القراء المعاصرين على "إعادة اكتشاف الكتاب المقدس كقطعة فنية".

نعني بالكتاب المقدس أسفار العهد القديم، والأناجيل الأربعة المعتمدة لسرد حياة المسيح على الأرض ورسالته، إلى جانب سفر أعمال الرسل، والرسائل التي كتبها المبشرون الأول بالمسيح، وسفر رؤيا يوحنا.

يمكن القول إن المحتوى ممتع للمشاهدة، لأنه يشرح سياق وتاريخ كتابة الأسفار والأناجيل، بطريقة تختلف عن العظات الدينية الجافة، من خلال التركيز على شخصية محددة، أو قصة محددة، أو كلمة يتكرّر ذكرها في مواضع عدّة.

ملايين المشاهدات ولكن ليس بالعربية

يحظى بودكاست "مشروع الكتاب المقدس" بأكثر من مليون تنزيل أسبوعي على منصات الاستماع حول العالم.

ويخبرنا مايكل ماكدونالد، المسؤول عن العلاقات الاستراتيجية والنشاط العالمي في المشروع، إن الفيديوهات بترجماتها كافة وصلت إلى نحو 182 مليون شخصاً حول العالم، خلال سبع سنوات.

ترجمت الفيديوهات إلى نحو 42 لغة، من الألمانية والفرنسية، إلى الفارسية والتركية.

بالطبع، هذه ليست "ترجمة" للكتاب المقدس، بل نقل للمحتوى التعليمي حوله، كما يسرده ويرسمه فريق "مشروع الكتاب المقدس". ونجد من بين المحتوى المنقول، فيديوهات بالعربية الفصحى، وباللهجة المصرية.

يشرف ماكدونالد على مشاريع الترجمة ونقل محتوى المشروع من الإنكليزية إلى اللغات الأخرى، ويقول "أنتجنا حتى الآن نحو 170 فيديو لمساعدة الناس على فهم الكتاب المقدس. نقدمه في قالب تعليمي للأشخاص الذين لم يقرأوه، أو سمعوا عنه ولا يعرفون ما هو، أو قد يكونون مسيحيين يقرأونه طيلة حياتهم أو حتى مسلمين اطلعوا عليه، ولكنهم يريدون أن يفهموه بالفعل".

كأي منتج للمحتوى، يسعى فريق "مشروع الكتاب المقدس" إلى توسيع نطاق انتشاره، لذلك كانت الترجمة خياراً بديهياً للوصول إلى جمهور لا يفهم الإنكليزية بالضرورة، وقد وجدوا في لهجات العالم العربي سوقاً واعدة.

يمكن أن نجد حساباً للذراع العربية من المشروع على إنستغرام، وعلى يوتيوب، وعلى فيسبوك. لكن يبدو أن المحتوى العربي ليس من مواضع قوته، إذ لا يتجاوز عدد المشاهدات على قناتيه بالفصحى والمصرية 200 ألف مشاهدة، فيما يبلغ عدد المشاهدات على القناة الأم أكثر من 260 مليون مشاهدة. ويبلغ عدد المشاهدات على قناته الإسبانية أكثر من 45 مليون مشاهدة.

الهدف ليس "تبشيرياً"

يقول مايكل ماكدونالد: "لسنا منظمة تبشيرية، ولا نحاول أن ندعو الناس لاعتناق المسيحية، هدفنا تقديم محتوى يساعد على فهم الكتاب المقدس. والعديد من أصدقائي المسلمين يخبرونني أن ديانتهم تحثهم على احترام الكتب المقدسة كافة، وقد تناقشنا مع أئمة حول مشروعنا، وأعجبتهم دعوة الناس إلى المعرفة".

تحاول الترجمات أن تراعي ثقافات متحدثي اللغة التي ينقل إليها المحتوى، بحسب مايكل ماكدونالد. برأيه فإن ترجمة المحتوى إلى اللهجات الخليجية سيكون تحدياً مهماً لهم، ولكنه لم يكن الأول من نوعه.

يخبرنا: "كان علينا مراعاة بعض الحساسيات عند الترجمة إلى الإسبانية بسبب الانقسام العميق بين الكاثوليكية والبروتستانتية على سبيل المثال. في بعض البلدان قد تكون بعض الكلمات مستفزة. هناك أيضاً خصوصيات ثقافية، مثلاً عند إنتاج فيديو خاص بجنوب أفريقيا، كان علينا استبدال طعام آخر بصورة بيتزا ترد في أحد الفيديوهات، لأن البيتزا ليست من الأطعمة المفضلة في جنوب أفريقيا".

لنقل المحتوى إلى اللغة العربية، يتعاون "مشروع الكتاب المقدس" مع شركة "آراسكوب" المصرية للإنتاج، والتي تولت النقل إلى الفصحى، وإلى اللهجة المصرية، وتعمل حالياً على اللهجة اللبنانية، وبدأت بوضع مخططات أولية للهجة الخليجية.

يخبرنا مدير الشركة التنفيذي أمير وحيد أن تعريب الفيديوهات يمرّ بمراحل معقدة قبل وصوله إلى الجمهور، يتخللها مراجعات لاهوتية ولغوية دقيقة.

بى بى سى
28 يناير 2022 |