القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

بمناسبة عيد استشهاد “المعمدان” ..الانبا رافائيل يشرح معنى “أنت الآتي، أم ننتظر آخر؟

بمناسبة عيد استشهاد مار يوحنا المعمدان ، قام الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة بشرح معنى أرسل يوحنا المعمدان إثنين من تلاميذه للسيد المسيح يسأله: أنت الآتي، أم ننتظر آخر؟

بمناسبة عيد استشهاد “المعمدان” ..الانبا رافائيل يشرح معنى “أنت الآتي، أم ننتظر آخر؟

و نشر نيافته منشور على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي يقول فيه :شرح القديس كيرلس الكبير هذا النص قائلًا:

[لا تظنُّوا إذن أن المعمدان المغبوط عجز عن معرفة كلمة الله، المسيح المتجسِّد- فقد كان واثقًا من المسيح ومن شخصيَّته. وأما سؤاله عن المسيح فقد أملاه له روح الحكمة والفراسة ليجعل من السؤال درسًا مفيدًا لتلاميذه. كان

هؤلاء التلاميذ في عزلة عن المسيح، فلم يُدركوا مجده وسلطانه، بل واشتعلت فيهم نيران الحقد، إذ سمعوا بتفوُّقه على سيِّدهم يوحنا في إجراء المعجزات والعجائب، وقد ظهرت نيَّاتهم السيِّئة هذه في إحدى المرَّات، إذ

اقتربوا من المعمدان، وسألوه عن المسيح قائلين: يا معلِّم هوذا الذي كان معك في عبْر الأردن الذي أنت قد شهدتَ له هو يعمِّد، والجميع يأتون إليه(يو 3: 26). أجاب يوحنا وقال: لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أعطيَ من

السماء. أنتم أنفسكم تشهدون إني قلت لست أنا المسيح بل أنا مرسل أمامه، من له العروس فهو العريس، وأمَّا صديق العريس الذي يقف ويسمعه، فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس، إذن فرحي هذا قد كمُل، ينبغي أن ذلك يزيد وإنِّي أنا أنقص(يو 3: 27-30).

إننا لا نقول أن المعمدان انحطَّ مقامه في الوقت الذي زاد فيه مجد المسيح بأن التفَّ حوله عدد كبير من الناس، ولكن يُراد بنقص يوحنا وزيادة المسيح أن يوحنا كان إنسانًا فلا بُد من أن يصل إلى درجة ما بعدها من مزيد، أما المسيح فهو إله متأنِّس فلا حد لنموُّه ولا نهاية لعظمته ولذلك يقول المعمدان: ينبغي أن ذلك يزيد وأنِّي أنا أنقص

إن كل من وقف في مستوى واحد ينقص، وذلك بالنسبة لمن لا يقف أمامه عائق عن النمو والتقدُّم، وحتى يُثبِت المعمدان أنه على حق في قوله هذا أشار إلى لاهوت المسيح، وبرهن لهم أنه لا بُد من أن يفوق

جميع الناس، إذ قال: الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلَّم(يو 3: 31). من الذي أتى من فوق، ومن ذا الذي يفوق جميع الناس؟ من الواضح هو كلمة الله المتجسِّد، هو مثال

الآب ومساوٍ له في الجوهر، ونظرًا لمحبَّته شاء فنزل وتواضع ليصير مثلنا. فالمسيح إذن يفوق كل من في الأرض، ولما كان المعمدان أحد سكان الأرض، ويتَّفق معهم في الإنسانيّة، لزم أن يفوقه المسيح الإله.

لا ننكر أن يوحنا كان حميد الخصال. مقطوع النظير فضلًا ونُبلًا، بلغ درجة عظيمة في البرّ والصلاح يستحق عليها المدح والثناء، إذ وصفه السيِّد بالقول المأثور: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان(مت 11: 11) ولكن رغمًا عن كل هذا لم يكن المعمدان من فوق، بل كان أرضيًا مثله مثلنا.

فترون إذن أن تلاميذ يوحنا إذ لم تتطهَّر قلوبهم بعد من أمراض اليهود الوبيلة، نسبوا ليوحنا ما رأوه في المسيح من قوّة إلهيّة أما يوحنا فقد أدرك مكانة المسيح السامية، وسِرَّ كل السرور بالإشارة إلى مجد السيِّد

العظيم، وحتى يطهِّر يوحنا قلوب تلاميذه من أدران الشكوك والريب، ويقرِّبهم إلى شمس البرّ إله المجد الرب يسوع المسيح، قبِل أن يتنكَّر يوحنا تحت زي الجهل والسذاجة، وأوفد رسله إلى المسيح ليسألوه: أنت هو الآتي أم ننتظر أخر؟

وطنى
13 سبتمبر 2021 |