القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

ترع‏ ‏الموت‏…‏الأسمنت‏ ‏مقابل‏ ‏الأرواح

بقلم حنان فكرى

قبل يومين, تمكنت قوات الإنقاذ النهري بسوهاج من انتشال جثة تلميذ في الحادية عشرة من العمر, ذهب للاستحمام فلقي مصرعه غرقا بترعة نجع المصلحة مركز دار السلام وفي16يونية الماضي أي قبل ثلاثة أسابيع فقط لقي طفل مصرعه, في حادث انقلاب دراجة نارية في ذات الترعة وفي24أبريل2020 غرق طفل يبلغ من العمر3سنوات, قال والده إن الطفل كان يلهو علي حافة الترعة ثم غرق!

ترع‏ ‏الموت‏…‏الأسمنت‏ ‏مقابل‏ ‏الأرواح

هذه العينة من الأخبار المتعلقة بالكوارث الإنسانية, تجسد حجم المآساة في مختلف المحافظات مثل البحيرة والمنوفية وبورسعيد,فيتكرر سقوط الأطفال والدراجات النارية والعادية

والسيارات بركابها وغالبا ينتهي الخبر بأن قوات الحماية المدنية انتشلتهم جثثا هامدة,ألا يلفت ذلك النظر إلي أي شيء غريب؟لماذا تغيب الأسوار حول الترع بالرغم من تكرار

الحوادث؟إلا تستحق حياة الناس الحماية؟لماذا يتجاهل المسئولون بساطة أهل القري التي تمر فيها الترع؟ولماذا يصمت الأهالي علي الخطر المحدق بأبنائهم؟هل عدم الوعي أم أنها قلة الحيلة؟

لماذا لم يبدأ الدكتور مصطفي مدبولي في الوفاء بوعده الذي قطعه لأهالي مركز الباجور في المنوفية في مارس الماضي بإقامة أسوار من السلك الشائك حول الترع؟فحينما ذهب

ليتفقد مشروع تبطين الترع هناك التف الأهالي يطالبونه بضرورة إنشاء سور سلكي علي حواف الترع التي تمر في منطقة الكتل السكانية,لحماية وأطفالهم.وبالرغم من أن تبطين

الترع ليس أهم من حماية الأرواح, إلا أنه يستحوذ علي اهتمام الحكومة ويتم تمويله بمليارات الجنيهات,ولم تظهر لنا أمارة واحدة عن تضمين تشييد سبل حماية حول الترع في هذا المشروع.

من المعروف أن الترع هي مجموعة القنوات المائية التي تشق الأرض الزراعية بهدف نقل المياه من النهر إلي الحقول, والترع الكبيرة من حيث الحجم وكمية المياه تأخذ المياه من النهر بشكل مباشر وبواسطة

منافذ توجد أمام القناطر ثم تغذي الترع الأصغر بها,أي أن هذه القنوات مصنفة من حيث العمق أماكن خطيرة ولضمان الحفاظ علي مياهها تم تنظيم مشروع لتبطين الترع,أي عمل تكسية في قاع الترع والجوانب

الداخلية المائلة باتجاه القاع باستخدام الدبش والخرسانة العادية أما حماية الأرواح فيبدو أنها مسألة ثانوية عند البعض, فالمسئولون في بلادي لا يتمكنون من استيعاب بساطة الفلاح الذي يترك أطفاله

يلهون علي حواف الترع, ولا يعرف عن مشاريعهم شيئا, المسئولون في بلادي غالبا غير مقتنعين بأن مصر ليست هي المدن الحضرية فقط, وإنما مئات من قري الريف والصعيد, متسعة المساحات, ما زال أمامها مشوار طويل من التنور والوعي.

لا أحد يمكن أن ينكر أهمية هذا المشروع الذي يتضمن كساء 7000 كم, بالأسمنت والدبش, بتكلفة 18 مليار جنيه, ترتفع في مرحلته الثانية إلي 80 مليار جنيه حسبالمهندس شحتة إبراهيم-رئيس مصلحة الري- لكن لا أحد أيضا يمكنه أن ينكر

علي الناس الحق في حماية الأرواح, الذي تعتبر تكلفته نقطة في بحر نفقات هذا المشروع, وبالرغم من ذلك, فلمن نحمي المياه والزراعات؟أليس من أجل البشر, من يأتي أولا البشر الذين يستفيدون من الترع أم الترع التي تخدم البشر؟

Hanan.fkry@yahoo.com

وطنى
14 يوليو 2021 |