القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

هكذا أحببتُه !!!

بقلم: ليديا يؤانس

نائم بجانبي علي الفراش، يده تُطوق عُنقي وتكاد تخنُقني، أحبس أنفاسي لئلا يستيقظ، ولكنني أستمتع برحيق أنفاسه، ألهذه الدرجة يُحبني!

هكذا أحببتُه !!!

بالتأكيد أنا أسعد مخلوقة، أعشق نسمة الهواء التي يستنشقها، رفعت يده بخفة عن عُنقي، تفرست في وجهه وهو يغُط في نومٍ عميق، مجنونة أنا بحبه، وضعت أذني علي صدره، نعم قلبه ينبض بالحياة، أشعر بدفء حُبه ينعش كل خلية بجسدي، إقتربت برفق من وجهه وهمست، بحبك لآخر نفس في عمري، شفتاي تُمطر وجهه بقُبلاتي، طوقته بذراعي، سحبت الغطاء وأغمضت عيوني.

مرت الأيام والسنين، وكلانا ينهل من ينابيع هذا الحُب الفياض، نقهر بقوة هذا الحب المُقدس أي تحديات قد تواجهنا، لا نفترق عن بعضنا إلا في أوقات العمل، نُحلق بسعادتنا ومشاعرنا فوق الأرضيات، نرفرف مثل الطيور

والفراشات في الفضاء الواسع وكأن ليس سوانا في الفضاء، ضحكاتنا تداعب نجوم السماء، الزهور تتراقص من حولنا علي أنغام سيمفونية حُبنا، لا نهتم كثيرا بما يقوله الأخرين، نركب العجل ونطوف الشوارع نتسابق، تتشابك

أيدينا وكأن أرواحنا تتعانق، يحوط خاصرتي بيده ويقبلني علي مرأي ومسمع من الناس، مُش مُهم الناس، مُش مُهم حيقولوا إيه، المُهم نعيش هذه اللحظات الجميلة من عُمرنا، لا نريد أن نُفكر في المستقبل وما الذي تحمله لنا الأيام من مفاجآت!

عزمني علي العشاء في مطعم شيك جداً، المكان هادئ رومانسي، رقصنا فتمايلت أجسادنا علي أنغام الموسيقي الهادئة، كانت مقطوعة موسيقية لعزف صوليست علي آلة الساكسفون، وكان يُصاحب عازف الساكسفون عازف علي البيانو وعازف آخر علي الجيتار، أنا أعشق موسيقي آلة الساكسفون، الساكسفون إحدي آلات النفخ وأخترعها واحداً يُدعي أدولف ساكس.

جلسنا نستكمل العشاء، تجاذبنا حُلو الحديث والذكريات الرائعة، وفجأة قال علي فكرة، أنا عايز أنام في غرفة منفصلة، فغرت فاهي من وقع الصدمة!

لماذا؟

عايز يكون لي خصوصياتي!

لم أنم هذه الليلة، هل هُوّ أيضاً لم ينم مثلي؟ ربما يمزح ويداعبني كعادته ليُدخل البهجة إلي نفسي، إستعديت لأذهب إلي عملي، قبلته فأحتواني بذراعيه وقبلني، ولكن عيوننا لم تتلاقي، ولم يُداعبني بكلماته التي تُدغدغ أحاسيسي، لم يقُل لي أنت أجمل وأرق إمرأة في الدنيا!

السيارة غيرت مسارها، من العيادة حيث عملي كطبيبة إلي المقابر حيث يرقد الأحباء، إجهشت عيوني بالبكاء والألم واللوعة، في غفلة من الزمن سيضيع مني عُمري وحُبي، أبكي وأنظر خلفي فيطالعني أجمل شئ في حياتي، وجهه الجميل وضحكته التي يتردد صداها في أذني حتي ولو لم يكن معي، أبكي وأنظر إلي القبر أبثه شكواي ولوعتي.

في طريق العودة للمنزل، هدأت نفسي بأن هذا حلم سخيف أو كابوس بالتأكيد سينتهي، ولكن لم تأت الرياح بما تشتهي السفن، لقد جهز إحدي غُرف المنزل لإقامته، نمت هذه الليلة بمفردي ولكن لم يغفل لي جفن، أتحسس مكانه الشاغر فأبكي، السرير أصبح بالنسبة لي مثل ثلاجة الموتي، بدأت أتعاطي مهدئات وبدأت أمرض، أكيد فيه أخري!

بدأت أدعبس في خصوصياته، وجدت مجموعة صور تجمع بينه وبين إمرأة جميلة صغيرة تشبهني إلي حد ما، واجهته، إعترف بأنه يحبها وسيتزوجها، طار عقلي، لن أسمح لها أن تأخذك مني، أنا أعطيتك عُمري كله، أحببتك أكثر من أي شئ في الوجود حتي نفسي، وأنا كمان بحبك ولن أنسي حُبِك ولكن أنا قررت أن أتزوجها.

الدنيا إظلمت في وجهي، فقدت توازني، علي جثتي أن يتزوجها، لابد من التخلص منها حتي لو إستدعي الأمر قتلها، الغيرة تقُتلني، لابُد من إسترداد حبيب عُمري، أنا عشت عُمري كله من أجله، أنا أعطيته كل ذرة من كياني، لن أسمح لها أن تُدمر حياتي وتأخذ أغلي شئ عندي في الوجود.

ساءت العلاقة بيننا، أشعر بألم يعتصره وحيرة تملأ كل كيانه، عيونه تنظر إليّ بشفقة وحنان جارف، قلبي ينزف دموعاً عليه، ولكن لن تأخذه مني أخري!

تراجعت عن فكرة قتلها لئلا أفقده للأبد!

لابد من أن أضحي من أجل سعادته حتي ولو علي جثتي لأنه كل شئ بالنسبة لي.

وجدت ظرف علي مكتبي، فتحته وإذ به دعوة منه لحضور حفل زفافه، بكيت وبكيت وبكيت، لست أدري لماذا بكيت ولكن المُهم لابد من حضور زفافه، لابد من أن أشاركه فرحته وإن كان علي حساب سعادتي، ولابد أيضاً أن أكون أجمل وأشيك إمرأة في الحفل بل في الدنيا كلها كما إعتاد أن يُغازلني.

دخلت الحفل وأنا مُتألقة مُتأنقة، لمحته من بعيد يتحدث مع عروسه والفرحة تملأ عيونه، فرحت لفرحته وسعدت لسعادته، لم أشعر بغيرة أو مرارة من عروسه بل تمنيت أن تكون سبباً لسعادته.

بمجرد أن رآني ترك عروسه وجاء مُسرعاً نحوي، تسمرت في مكاني، إقترب مني وقبل أن ينطق بكلمة أعطيته مظروف فتحه بلهفه ليجد بداخله صورة، إرتمي في حضني يبكي، ماما دي صورة زفافك إنت وبابا، ماما حُبك أنت لا يمكن أن يُعادله أي حُب في الدنيا وده حال الدنيا!

طبعاً ياحبيبي أنا أسعد مخلوقة النهاردة، المُهم تخلي بالك من عروستك وتحبها زي ما أنا بحبك، أخذني في حضنه يمطرني بقبلاته الحانية، وكاد يكسر عظامي بذراعيه القويتين، فكرني بمحبة أبوه وقوة ذراعيه!

ليديا يؤانس
11 مارس 2016 |