القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

تمثال العذراء يقطر زيتا .. ويغير حياة عائلة لبنانية

ثمة حالة غريبة تحصل بعيدا من الضوء منذ اكثر من سبعة اعوام، تعيشها عائلة في صمت ونعيشها معها. وبات السكوت عنها مثقلا، ولا سيما ان كاتبة السطور شاهدة على ما يحصل من امور تفوق الحياة الطبيعية التي تعيشها كل عائلة لتتخطى المألوف بمتاهات ينتقل المرء معها الى عالم آخر متسام.

بدأت الحكاية قبل حوالى سبعة اعوام حين تنامى خبر ان تمثالا للسيدة العذراء يرشح زيتا، في ممر طبقة من البناء. وذات امسية تصاعدت رائحة البخور في البناء واصوات صلوات تهلل للسيدة العذراء. وعند استكشاف

السبب قيل ان تمثال السيدة العذراء يرشح زيتا وينشر اريج عطر وردي. يصعب على العلم استيعاب هذه الخبرية، خصوصا ان شائعات كانت تسري عن رشح زيت من تمثالها في اماكن اخرى ويتبين انها سرت بقصد النفع المادي.

ارخى الليل ظلاله يومذاك. وجميع قاطني البناء خلدوا الى النوم، خصوصا انهم جميعا من الطبقة العاملة يتلقفون النهار من اوله وينامون باكرا ليتلقفوه كل يوم. لم استعمل المصعد تلك الليلة. تسللت على الدرج رويدا الى مكان التمثال

فوجدته يرشح. لملمت الزيت عنه بخشية لم تفارقني من ضبطي احمله وأضعه جانبا لأتفحص ان كان من حركة مصطنعة تمد التمثال بالزيت الراشح من انبوب ما، يمكن ان يكون موضوعا تحت صخرة جميلة يتكىء عليها او ان يكون هو نفسه مثقوبا من مكان ما.

فتشت وفتشت ولم اعثر على شيء وحين هممت باعادة التمثال الى موضعه كان اخذ يرشح من جديد. عدت خائبة من ظني. واستمر التمثال الذي اشتراه ايلي واهتم باحضار صخرة رملية موشحة يضعه عليها قرب منزله، يرشح اياما واسابيع.

وانتشرت خبريته في الحي والمنطقة. واقبل الناس يتبركون من الزيت ويصلون. الى ان نشرت "النهار" يوما من اواخر شهر ايار عن حالة هذا التمثال. وعلم رئيس البلدية وربما هو من اعلم كاهن الرعية حينذاك وقرر نقله الى كنيسة تلك الرعية.

حزن ايلي حزنا شديدا على قرار نقل التمثال من قرب منزله نظير خضوعه لمشيئة الكنيسة. وفي محاولة لاقناع كاهن الرعية بالعدول عن قراره اقترحت على ايلي ان نعمد الى مسح التمثال جيدا من

الزيت قبيل قدوم الكاهن لمعاينته، علّه يبدل من رأيه ويتركه جاثيا مكانه. ولهذه الغاية احضرنا كمية من القطن واخذنا نمسح الزيت حتى بدا لامعا خاليا من اي اثر. وعدنا الى المنزل لنخبر

ما فعلنا. وبعد حفنة من الدقائق قصدنا عتبة المنزل نتفقده. واذا بالزيت يشلي بغزارة عليه ومن دون توقف وغمس الصخرة ولامس الارض. وبقي على حاله من التدفق. وحضر الكاهن وتم نقله الى الكنيسة.

امتزج حزن ايلي براحة تنفيذ مشيئة الكاهن. يومذاك بكى. وبقيت الصخرة ترشح لفترة واحضر تمثالا اخرا ووضعه مكان التمثال الام.

مرّ عامان واكثر على تلك المسألة. وبقيت كأس كبيرة، في داخله مسبحة رفعت عن التمثال الراشح، تمتلىء بالزيت ولا يزال الى اليوم في منزل ايلي. وبقي وعائلته على علاقة روحانية يومية بالسيدة والمصلوب والتزام ديني نقي وتقي ومحب مفعم بسلام داخلي يترك شعورا ان امرا ما يحصل مكتوما.

وذات امسية قبل اربعة اعوام. كانت صلاة للسيدة في شهرها ايار. وحصل ما لا تدركه العين مع ايلي اثناء صلاة المسبحة. رسالة للسيدة يتفوه بها. وتتكرر هذه الحالة مثلما يعيش ذكرى الجمعة العظيمة عذابا وألما يترك آثار الجلد على ظهره وندبات وجروح مسامير الصلب .

وتنتهي الذكرى في لحظة الموت. امس كانت عند الثانية بعد الظهر. فلحظات مشفوعة برسالة من السيدة تدعو فيها من فم ايلي الى الصلاة للحفاظ على العائلة وتخفيف عذابات المرضى والمتشردين ومن اجل شفاء متعاطي المخدرات من دون ان تنسى عبارة "لبنان الحبيب".

نشر هذا المقال على موقع جريدة النّهار الرسمي بقلم : كلوديت سركيس

22 ابريل 2014 |